المقاتلون الأجانب يعقدون عملية السلام في سوريا الجديدة
يقول حكام سوريا الجدد إنهم حريصون على دمج المقاتلين الأجانب، رغم أن البعض يعتبرهم تهديداً.
وتصف مجلة «إيكونوميست» مشهداً في مطعم عماد الدين في إدلب حيث دجاج المندي، وهو طبق يمني، هو المفضل لدى المسلحين الأويغور.
وتشير المجلة إلى أنه قبل أيام، جلست مجموعة من المقاتلين الأويغور مع مقاتل شيشاني في مطعم، حيث كانت وجوه الزبائن ولهجاتهم متنوعة للغاية لدرجة أن المطعم قد يُعتقد أنه يقع في مطار، لولا الملابس العسكرية والأدوات القتالية التي يحملونها.
وتتحدث المجلة عن أبو عبيدة، وهو عامل سابق في مجال تكنولوجيا المعلومات جاء من لندن إلى سوريا في عام 2013. ويعرف هو وآخرون بالمهاجرين، أي المقاتلين الأجانب الذين جاءوا إلى سوريا خلال الحرب الأهلية الطويلة. وفي بلدانهم الأصلية يعتبر الكثير منهم تهديداً للأمن القومي، وألغت الحكومة البريطانية جنسية أبو عبيدة عام 2017، زاعمة أنه كان على صلة بتنظيم القاعدة. وينفي أبو عبيدة أنه مقاتل، ويقول إنه جاء كعامل إنساني، وعلى مدى السنوات السبع الماضية كان يدرس اللغة الإنكليزية.
وفي الوقت نفسه، لا يزال هناك الكثير من الشكوك حول عودة أي من هؤلاء المقاتلين إلى بلادهم، فرغم أن أبو عبيدة تحدى قرار الحكومة البريطانية في المحكمة، لكنه واقعي بشأن فرص السماح له بالعودة، وهو لا يريد ذلك بالضرورة، إذ تزوج من امرأة سورية، ولديه الآن 4 أطفال. ويوضح: «أحلم بالعودة لرؤية عائلتي في رحلة قصيرة، لكنني أود البقاء وأن أصبح سورياً». وتذكر المجلة أن عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب تحمسوا للانتقال إلى سوريا بسبب تطرف «داعش الإرهابي» وإعلانه ما تسمى الخلافة في العراق وسوريا في عام 2014. وكان هؤلاء المسلحون مفتاحاُ لمحاولات التنظيم لشن هجمات إرهابية على الدول الغربية. واليوم، مات معظمهم أو اعتقلوا في سجون كردية في شرق سوريا. لكن آخرين انضموا إلى جماعات أقل تطرفاً، وركزوا على محاربة الأسد وبناء حياة هناك، بدلاً من الإرهاب الدولي.
وحاول أحمد الشرع، الزعيم الجديد في سوريا، قمع الجماعات ذات التطلعات العابرة للحدود الوطنية مثل حرس الدين، الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا. ويوضح توماس بييريت، الخبير في شؤون الإسلاميين السوريين، أن موقف الشرع هو «إما أن تلتزم باستراتيجيتنا التي تركز على سوريا، أو تغادر، أو تواجه الاعتقال». ويضيف: «لذا أعتقد أنهم تخلصوا بالفعل من الأشخاص الأكثر إشكالية». ويقدر أحد مسؤولي الاستخبارات الغربية أن بضعة آلاف فقط من المقاتلين الأجانب ما زالوا نشطين في إدلب. ويصر الشرع على أن هؤلاء المتبقين لن يكونوا مصدر قلق. وربما يكون محقاً.
ويضيف آرون زيلين من معهد واشنطن، وهو مركز أبحاث يتابع عن كثب: «سجلهم يؤكد عدم تورطهم في أي حوادث أمنية خارج سوريا الآن، وخاصة منذ الانفصال عن تنظيم القاعدة».
وأكثر من ذلك، يرى الشرع أن المقاتلين الأجانب في سوريا جزء لا يتجزأ من نضال بلاده. ومن بين أقرب المقربين إليه شخص تركي وآخر أردني. ويقال أيضاً إنه مغرم بحزب تركستان الإسلامي (تيب)، وهي مجموعة من المقاتلين الأويغور تهدف إلى إقامة دولة إسلامية في شينجيانغ وأجزاء أخرى من آسيا الوسطى، والتي أثبت أعضاؤها أنه لا غنى عنهم في ساحة المعركة في سوريا.
ويصر مسؤول من حزب تركستان الإسلامي على أن «هؤلاء الناس جزء من ثورتنا. وليس مصدر قلق. سنمنحهم جوازات سفر.
وتؤكد المجلة أن مساعي الشرع نحو التكامل ليست غير مسبوقة. فقد منحت البوسنة الجنسية للمئات الذين قاتلوا من أجلها في التسعينيات.
ويقول عبيدة عامر غضبان، وهو باحث آخر في الجماعات المسلحة السورية إن «منح الجنسية ليس بالأمر الجديد؛ فالعالم كله يفعل ذلك».
لكن ليس الجميع متفائلين، إذ أثار تعيين الشرع للعديد من الأجانب في مناصب رئيسية في وزارة الدفاع الجديدة قلق بعض الحكومات.