بلومبرغ: الحرب الجديدة في أعالي البحار تأخذ طابعاً دولياً

بلومبرغ: الحرب الجديدة في أعالي البحار تأخذ طابعاً دولياً


حول مخاطر تجدد حروب البحار، كتب جيمس ستافريديس في موقع “بلومبرغ” الأمريكي، أن المرة الأخيرة التي نشب فيها نزاع بين روسيا والمملكة المتحدة في البحر الأسود كانت إبان حروب القرم في منتصف القرن التاسع عشر. وأدخل النزاع الذي استمر ثلاثة أعوام، استخدام برقيات التلغراف ونقل الجنود بواسطة القطارات، فضلاً عن القذائف البحرية شديدة الانفجار.
وعادت النزاعات الإقليمية، التي كانت الدافع خلف نشوب حروب القرم لتتصدر واجهة الأخبار، مع مواجهة بين موسكو ولندن حول المياه الأوكرانية الأسبوع الماضي بطريقة لم تتضح معالمها بعد.
وكانت السفينة ديفيندر التي تعتبر المدمرة الأحدث في البحرية البريطانية، تبحر بين ميناءين في البحر الأسود في 23 يونيو (حزيران). وكان طريقها عبر مياه تدعي روسيا ملكيتها، بناء على ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014.
وزعمت روسيا أن إحدى سفنها أطلقت قذائف تحذيرية، وأن مقاتلة روسية أسقطت قنابل قرب المدمرة البريطانية. ونفت المملكة المتحدة الإدعاءين الروسيين. ووقع الحادث قرب سيفاستوبول، القاعدة البحرية التي زارها ستافريديس مرات عدة إذ كان قائداً في حلف شمال الأطلسي.

روايات متضاربة
وحظي الحادث بالاهتمام نظراً إلى الروايات المتضاربة حوله. وقد تحدث الروس عن تفاصيل، إذ ألقيت أربع قنابل أمام المدمرة بواسطة مقاتلة من طراز سو-24. وإذا ما كان ذلك صحيحاً، فإنه من المثير للدهشة أن تكون روسيا مستعدة لإطلاق النار وإلقاء قنابل قرب سفينة تابعة لحلف شمال الأطلسي.
وبدا البريطانيون كأنهم يحاولون تجاهل الأمر، إذ أعلن وزير الدفاع بن والاس ببساطة أن المدمرة كانت “تنفذ مهمة انتقال روتينية من أوديسا إلى جورجيا عبر البحر الأسود”. وعلى رغم ذلك، فإنه إستناداً إلى وسائل الإعلام البريطانية، كانت الحكومة البريطانية على علم بأن مهمة المدمرة إنطلاقاً من أوكرانيا ستمثل استفزازاً لروسيا، وأن رئيس الوزراء بوريس جونسون شخصياً قد وافق على المهمة.
وتكمن جذور النزاع في البحر الأسود في أن المملكة المتحدة (وبقية أعضاء حلف شمال الأطلسي)، تدعم الموقف الأوكراني القائم على اعتبار أن الغزو الروسي وضم القرم لاحقاً يمثل انتهاكاً للقانون الدولي. ولا تزال بريطانيا تعترف بأن المياه الإقليمية مقابل القرم تعود إلى أوكرانيا، وبأنها كانت تمارس الحق المعترف به في المرور السلمي للسفن الحربية بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة لقانون البحار، والذي تعتبر روسيا والمملكة المتحدة وأوكرانيا من الدول الموقعة عليه.

«اللعبة الكبرى»
ويقع ذلك في قلب “اللعبة الكبرى” المتصاعدة في البحار- ويعتبر نموذجاً حديثاً من الحرب القصيرة بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية في القرن التاسع عشر- في ضوء اعتراض أنظمة استبدادية على عبور السفن الحربية المسموح به بموجب القانون الدولي.
وفي الواقع، فإن ما يهم ليس مسرح البحر الأسود وإنما المبدأ الأوسع للحرية في أعالي البحار. وتوجهت بالسؤال إلى ضباط بحرية كبار (أميركيين وبريطانيين) حول هذا الحادث وحوادث أمريكية مشابهة في بحر الصين الجنوبي قرب جزر اصطناعية صينية. وكان ثمة إجماع على أن العالم سيشهد مزيداً من التحديات بين الحلفاء الغربيين والتحالف الإستبدادي المتنامي بين الصين وروسيا.
ويقول ستافريديس إن ضابطاً بريطانياً بعث له برسالة من صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية يقول إن “بريطانيا لا تزال القوة البحرية الثانية في العالم ويقع على عاتقنا دعم القانون».

عمليات مشتركة
كما أن المملكة المتحدة سترسل حاملة الطائرات الملكة أليزابيث البالغ وزنها 65 ألف طن إلى المحيط الهادئ الغربي. وهناك ستنضم إلى سفن من الولايات المتحدة وفرنسا وأوستراليا وألمانيا، وغيرها، للمشاركة في دوريات تدعم حرية الملاحة البحرية. كما من المحتمل أن تدرس مجموعة “كواد” وهي تحالف يضم أوستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، تنفيذ مهمات مماثلة. ويمكن أن تكون هناك عمليات مشتركة من جانب الولايات المتحدة وحلفاء في جزر تزعم إيران ملكيتها في الخليج العربي، وربما قرب جزر تتنازع عليها اليابان والصين في بحر الصين الشرقي.