قدّمها عبر البرازيل.. ترامب يرفض ورقة تفاوض من مادورو

قدّمها عبر البرازيل.. ترامب يرفض ورقة تفاوض من مادورو


كشف مصدر سياسي فنزويلي رفيع المستوى أن الولايات المتحدة رفضت «ورقة تفاوض» قدمتها كراكاس مؤخرًا عبر البرازيل، التي تقوم بدور الوساطة إلى جانب المكسيك، في مسعى لحل أزمة الحصار الأمريكي المفروض على فنزويلا في منطقة الكاريبي، وما يرافقه من اعتداءات على ناقلات النفط.
وأوضح المصدر في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أبلغت برازيليا أن النظر في أي أوراق تفاوض أو مقترحات، بخصوص هذه القضية، لن يكون إلا بعد تنحي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتعيين مجلس انتقالي مؤقت من عسكريين ومدنيين، وأنها ستظل حاضرة في مكافحة المخدرات بضرب القوارب، واستحكام العقوبات على كراكاس.
وبين المصدر، أن ورقة التفاوض التي قدمت من كاركاس إلى واشنطن عبر البرازيل، تضمنت انفتاحاً كبيراً على إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، وفتح مشاورات حول تنظيم حضور الشركات الأمريكية في السوق الفنزويلي، بالإضافة إلى إطلاق حوار واسع يهدف الوصول إلى تعاون استخباراتي وأمني، بخصوص ملف المخدرات، المرتبطة بعصابات في الجانبين وليس فنزويلا فقط.
وبحسب المصدر، فإن رفض الورقة بهذا الشكل، ووضع الرئيس مادورو كعقبة تفاوض، على عكس ما كان يجري قبل أسبوعين، عبر قنوات اتصال مباشرة، متمثلة في عناصر من وكالة المخابرات المركزية (CIA) مفوضين من ترامب ودبلوماسيين أمريكيين، مع مسؤولين فنزويلين، في لقاءات عقدت في كاراكاس، يرجع إلى عدم تجاوب الأخيرة مع شروط سابقة تتعلق بصفقة حصول واشنطن على كميات مجانية من النفط تقدر بـ100 ألف برميل يومياً لمدة 5 سنوات، وهو الأمر الذي يعكس أن الأزمة ليست في حل أزمة المخدرات ولكن التخلص من النظام، للمجيء بشكل سياسي جديد، يحفظ للولايات المتحدة، حصة كبيرة يومياً من النفط.
وتابع المصدر بالقول إن ترامب يستهدف إظهار نفسه على أنه حقق «الانتصار الكبير»، كدرس في القارة اللاتينية، لمن سيكون عليه الهدف بعد تحقيق المراد في فنزويلا، وهناك قائمة من البلدان في أمريكا الجنوبية، يطمع فيها الرئيس الأمريكي ولكن العقبة الأكبر في كراكاس.
فيما أكد قيادي بالحزب الجمهوري الأمريكي، أن قبول الرئيس ترامب بأي وساطة، لن يكون مع شخص «ديكتاتور» على حد وصفه، يهدد أمن الولايات المتحدة ، مشيراً إلى أن مع هذا الوضع، لن يستقيم أي تفاهم، لأن من يحكم في فنزويلا، يتواجد رغماً عن الشعب بأكمله.
وأضاف القيادي الجمهوري الذي رفض الكشف عن هويته، في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن ترامب يمتلك كافة التقارير والوثائق بأن هناك إدارة مباشرة من مادورو شخصياً لعصابات المخدرات التي تهرب هذه المواد إلى الداخل الأمريكي، وبالتالي فإنه لا يمكن أن يتعامل مع زعيم عصابة للمواد المضرة بشعبه.
وشدد المصدر الجمهوري على أن موقف ترامب كان واضحاً في أن المشكلة تتعلق بمن يستولي على منصب الرئيس في فنزويلا، وليس بالحزب الاشتراكي الموحد، وعندما يكون هناك تنازل من مادورو، سيكون هناك قبول من واشنطن للتفاوض مع كراكاس.
وبدوره، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نورث كارولينا الأمريكية، البروفيسور خضر زعرور، أن الوساطات من جانب دول في القارة اللاتينية بين واشنطن وكراكاس، مسار مهم للغاية، ولكن المشكلة تكمن في أن الولايات المتحدة خلال تاريخها لاسيما منذ الحرب العالمية الثانية، لم تتأثر بوساطات لحل أزمات، بل تمضي في قرارها المتخذ، ومن الواضح أن إسقاط النظام في فنزويلا هو المسعى.
واعتبر زعرور في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن الحرب من الولايات المتحدة تجاه فنزويلا شبه مؤكدة واحتمالاتها قائمة حتى الآن، في وقت تتعامل فيه واشنطن مع أهداف سياستها الخارجية على أنها «خط أحمر» يخضع لمؤسساتها السياسية والسيادية، وذلك في وقـــــت تجمع فيه المصالح، العلاقـــــــات بين المكسـيك والبرازيل بنظام مادورو، من جهة أخرى.
وأشار زعرور أن تعامل واشنطن مع وساطات يأتي ضمن تكوين «غطاء دبلوماسي» حتى يظهر ترامب أنه أعطى فرصة للسلام وسبل الوساطة وطرق الدبلوماسية، ولكنها فشلت من جانب فنزويلا، حتى يتم وضع الضغط على الأخيرة وتقديمها على أنها اختارت الحرب، حتى لو كان ضرب السفن واحتجاز الناقلات في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، يتم من جانب الولايات المتحدة، باستخدام تهريب المخدرات كذريعة.
وأفاد زعرور أن التواجد العسكري الأمريكي في الكاريبي بمثابة رسالة ليست لنظام مادورو، بقدر أنها للصين التي تستعرض عضلاتها في «الحديقة الخلفية»، وهو ما تريد واشنطن التعامل معه بأي شكل، وذلك باستخدام صيغة «مبدأ مونرو» المعمول به منذ العام 1823، بوضع أمريكا اللاتينية، على أنها «خط أحمر»، ممنوع الاقتراب منه.