ما اكتشفه الأوكرانيون في بوتشا أدى إلى تعقيد المحادثات

هل أهدرت أوكرانيا فرصة مبكرة للسلام مع روسيا؟

هل أهدرت أوكرانيا فرصة مبكرة للسلام مع روسيا؟

قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أمس الجمعة إن أجواء من التوتر خيمت على المظاهر المرحة التي تخللت الاجتماع المحوري لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، في 29 مارس -آذار 2022.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما حدث بالفعل في ذلك الثلاثاء المهم وفي أعقابه مباشرة، تحول منذ ذلك الحين إلى مسألة خلاف أساسي بين أوكرانيا والدول الغربية وروسيا.
 
نقطة خلاف
وأوضح تقرير الصحيفة، أن اجتماع اسطنبول برز باعتباره نقطة خلاف رئيسية في المناقشة الأمريكية بشأن الحرب، حيث تظل المساعدات الأمريكية التي لا غنى عنها لأوكرانيا متوقفة في الكونغرس بسبب المعارضة الجمهورية، في وقت يرى البعض أن أوكرانيا أهدرت فرصة إنهاء الحرب في ذلك الوقت.
وعُقد الاجتماع الأول بين المفاوضين الأوكرانيين والروس في 28 فبراير -شباط 2022، في مدينة غوميل البيلاروسية، بعد 4 أيام من عبور الدبابات الروسية الحدود الأوكرانية.
وفي ذلك اللقاء، تلا مستشار الرئيس الروسي فلاديمير ميدنسكي، قائمة طويلة من مطالب الكرملين، وتضمنت استبدال إدارة الرئيس الأوكراني زيلينسكي بنظام عميل، وتسليم القوات الأوكرانية جميع دباباتها ومدافعها، واعتقال ومحاكمة «النازيين» (وهو تعبير روسي ملطف لأي أوكراني يعارض حكم موسكو). وكذلك دعا إلى استعادة اللغة الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن إعادة شوارع المدينة التي تحمل أسماء الأبطال الوطنيين الأوكرانيين إلى أسمائهم السوفيتية القديمة.
وقال أحد المفاوضين الأوكرانيين، وهو مستشار زيلينسكي، ميخايلو بودولياك: «لقد استمعنا إليهم، وأدركنا أن هؤلاء ليسوا أشخاصاً أُرسلوا لإجراء محادثات، بل من أجل استسلامنا». ولكن لكسب الوقت، وافق الأوكرانيون على مواصلة المحادثات.
 
محادثات إسطنبول
عندما افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محادثات إسطنبول في 29 مارس -آذار 2022، كانت مهمة الفريق الأوكراني هي الضغط من أجل الانسحاب الروسي إلى خطوط ما قبل الغزو، مع إظهار الانفتاح بشأن العديد من القضايا الرئيسية، وتأجيل القرارات الفعلية إلى اجتماع مخطط له بين زيلينسكي وبوتين.
وكان المطلب الرئيسي لروسيا، بالإضافة إلى إبقاء أوكرانيا خارج حلف شمال الأطلسي، يتلخص في الحد من قدرتها على الدفاع عن نفسها في المستقبل.
ووفقاً لمسودة الوثائق التي كشف عنها بوتين علناً في وقت لاحق، أرادت موسكو أن يكون عدد القوات المسلحة الأوكرانية 85 ألف جندي و342 دبابة و519 قطعة مدفعية. ورد المفاوضون الأوكرانيون في إسطنبول باقتراح تشكيل جيش قوامه 250 ألف جندي، وهو تقريباً مستوى ما قبل الحرب، مع 800 دبابة و1900 قطعة مدفعية.
وحسب رواية بوتين للأحداث، قبل المفاوضون الأوكرانيون في إسطنبول معظم مطالب روسيا، ولكن بعد أشهر أعرب عن أسفه قائلاً: 
«لقد تم التوصل إلى الاتفاقيات عملياً»، وأضاف أن «قواتنا غادرت وسط أوكرانيا، كييف، لتهيئة الظروف لإجراء مزيد من المحادثات، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق».
وقد اعترضت أوكرانيا بشدة على هذه الرواية. ولم يقدم أي من الطرفين تعهدات ملزمة في إسطنبول، وقال وزير الخارجية الأوكراني ديميتري كوليبا: «لم يكن هناك اتفاق. إن المشاركة في محادثة وإلزام نفسك بشيء ما، أمران مختلفان تماماً».
 
موضع نقاش
وفي مساء يوم 29 مارس -أذار، بينما كان المفاوضون يحيون بعضهم البعض في إسطنبول، ويخططون للاجتماع مرة أخرى للجولة التالية من المحادثات، كانت القوات الأوكرانية تدخل بالفعل بلدة بوتشا بالقرب من كييف.
 وما اكتشــــفه الأوكرانيــــون هناك جعــــــل أي تفاهم يتم التوصل إليــــه في إســطنبول موضع نقاش.
وعلى الرغم من أن المفاوضين الأوكرانيين والروس ظلوا على اتصال، وقاموا بضبط الوثائق التي تمت صياغتها في إسطنبول في الأسبوع السابق، أشار زيلينسكي إلى أن عمليات القتل التي تم الكشف عنها في بوتشا غيّرت كل شيء.
 وقال: «ما حدث هنا هو إبادة جماعية»، من الصعب جداً الاستمرار في الحديث عندما ترى ما حدث هنا».
وفي الكرملين، كان بوتين على يقين من أن واشنطن، وليس لندن، هي التي أجبرت زيلينسكي على التخلي عن المحادثات، على أمل إنهاك روسيا في حرب طويلة الأمد.
وأوضح مستشار زيلينسكي: «في إسطنبول، ما زلنا لا نفهم نوع الحرب التي كانت تشنها روسيا، ونواياها للإبادة الجماعية».
وأضاف «بمجرد عودتنا من إسطنبول، وخروج الروس من منطقة كييف، شاهدنا الجرائم الوحشية التي ارتكبوها هناك. وقد فهمنا أن روسيا ستحاول إبادة أوكرانيا مهما حدث».