«سوف يصطدمان في النهاية».. إلى متى ستستمر علاقة ترامب وماسك؟

«سوف يصطدمان في النهاية».. إلى متى ستستمر علاقة ترامب وماسك؟

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن الصورة تساوي ألف كلمة، أو بالأحرى 288 مليون دولار.. هذا هو المبلغ الذي تبرع به رجل الأعمال التكنولوجي إيلون ماسك لحملة الرئيس الأمريكي دونالد  ترامب الانتخابية الرئاسية.
وتجسدت مكافأة ماسك بشكل درامي في غلاف مجلة تايم هذا الأسبوع، فقد نشرت صورة لماسك وهو يحمل كوب قهوة في يده، ويجلس خلف مكتب ريزولوت الذي يستخدمه كل رئيس أمريكي منذ جيمي كارتر، بحسب الصحيفة. 
وتكهن البعض بأن صورة «الرئيس ماسك» كانت مصممة لاستفزاز ترامب الذي يتسم بالحساسية الشديدة، والذي يُعرف بتبجيله لمجلة تايم، وقد اختير مرتين ليكون «شخصية العام».
ورد الرئيس يوم الجمعة بنكتة حادة: «هل لا تزال مجلة تايم تعمل؟ لم أكن أعرف ذلك حتى». 
من جانبه، كتب ماسك على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»: «أنا أحب الرئيس دونالد ترامب بقدر ما يحب الرجل المستقيم رجلًا آخر».

استفزاز الليبراليين
وكان هذا بمثابة اكتمال لعلاقة غير محتملة تجلب ثورة مزعجة لأمريكا، وفق الصحيفة.
وقالت إن ترامب وماسك يشتركان في الرغبة في الاضطراب وكسر القواعد واستفزاز الليبراليين، لافتة إلى أن التقارب بين أقوى رجل في العالم وأغنى رجل في العالم يعني مشكلة مزدوجة للديمقراطية في نظر المنتقدين.
وتساءلت «الغارديان»: هل يمكن أن تستمر هذه العلاقة؟
واستطردت بالقول إن التاريخ الحديث مليء بأمثلة من أتباع ترامب الذين هددوا بسرقة بعض الأضواء منه ودفعوا الثمن.
وأشارت إلى أن المتشككين كانوا يتوقعون زوال محور ترامب-ماسك منذ بدايته تقريبًا، ما يشير إلى أن اثنين من الأنا العملاقة سوف يصطدمان بالتأكيد، لكنّ آخرين يرون علاقة تكافلية قد تقطع شوطًا طويلًا.
ونقلت الصحيفة عن النائب الجمهوري السابق وناقد ترامب، جو والش، قوله: «إنهما أقوى شخصين على هذا الكوكب الآن.. إنهما بحاجة ماسة إلى بعضهما بعضًا».
وأضاف: «أنهما في هذا الأمر حتى النهاية، لذا فإن الأشخاص الذين يعتقدون أن هذا الارتباط سينفجر في غضون شهر أو شهرين يدخنون شيئًا ما.. نحن نتطلع إلى أربع سنوات من قيام هذين الاثنين بهذا الأمر.. إنهما مثل وحشين، وكل يوم يزدادان قوة».

الفارق الأكبر بين ولايتي ترامب
وبحسب الصحيفة، كان ماسك حتى الآن هو الفارق الأكبر بين ولاية ترامب الأولى كرئيس وولايته الثانية، وقد تم تعيينه رئيسًا لـ»وزارة كفاءة الحكومة» (دوغ)، وهي فرقة عمل تهدف إلى إعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية، وخفض الميزانيات، واستئصال الهدر والفساد، وفصل الموظفين.
ونجح ماسك، المعروف بأسلوبه القيادي الذي يحكم بالخوف ويطالب العمال بالولاء التام، في تطبيق نهج «التحرك بسرعة وكسر الأشياء» على غرار وادي السيليكون، في اختراق الحكومة الفيدرالية دون مراعاة للدستور أو سيادة القانون. 
ثم أغلقت دوغ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAid) دون الحصول على السلطة اللازمة من الكونغرس، ما أدى إلى تدمير أداة من أدوات القوة الناعمة الأمريكية وقطع برامج الغذاء والدواء الحيوية في جميع أنحاء العالم.

الترويج لأجندة ترامب
ويستخدم ماسك أيضًا منصة إكس الخاصة به للترويج لأجندة ترامب، ومهاجمة المنتقدين والإدلاء بتصريحات شائنة.
ولفتت الصحيفة إلى أن ماسك وصف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بأنها «شريرة» و»منظمة إجرامية» دون تقديم أدلة.
وقالت إن ماسك ليس موظفًا حكوميًا بدوام كامل، بل يحمل بدلًا من ذلك وضع «موظف حكومي خاص»، ما يسمح له بتجاوز الكشف المالي وعمليات التدقيق العامة.
ووفق زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، فإن «حكومة ظل غير منتخبة تدير عملية استيلاء معادية على الحكومة الفيدرالية».
ولكن يبدو أن ترامب غير مبال، فقد زعم بأن «إيلون ماسك لا يستطيع أن يفعل أي شيء ولن يفعله دون موافقتنا.. وسنمنحه الموافقة حيثما كان ذلك مناسبًا. وحيثما لا يكون مناسبًا، فلن نفعل ذلك».
وقال مصدر في البيت الأبيض لصحيفة «الغارديان» إن الرئيس جند ماسك للقيام بـ»أشياء مجنونة»، وقد قدم ماسك ما يريده. وبالنسبة إلى بعض المعلقين، فإن هذا التطابق منطقي، إذ قال الزميل الباحث في مؤسسة هوفر للأبحاث في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، بيل ويلان، إنه «من الآمن أن نفترض أن دونالد ترامب كان معجبًا بالثروة دائمًا، ولا يوجد غير عدد قليل من الأشخاص على هذا الكوكب الذين يمكنه أن ينظر إليهم من حيث الثروة، وماسك هو واحد منهم».

مبادرات التنوع والمساواة
ومن الواضح أن ترامب يتمتع بالقوة التي يزدهر بها ماسك، لكن الشيء الوحيد الذي قد يكون مشتركًا هنا، هو أن كلاهما يستمتع بكونهما مخربين ومثيرين للمشكلات، وفق تعبير الصحيفة. كما وجد ماسك قضية مشتركة مع ترامب وحركته «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، ما يوضح أنه يركز على القضاء على ما يسمى بأجندة «اليقظة»، لافتة إلى أنه ألغى مبادرات التنوع والمساواة والشمول (DEI) في منصة إكس، ويبدو أنه ينقل هذه العقلية إلى عمله الحكومي.
وقالت الصحيفة إن ماسك يتقاسم نفس النظرة العالمية لترامب فيما يتعلق بالعرق، فقد ادعى ماسك زورًا أن حكومة جنوب أفريقيا تسمح بـ»إبادة جماعية» ضد المزارعين البيض.
وأعلن ترامب أنه سيوقف كل المساعدات المقدمة لجنوب أفريقيا بسبب ما زعم أنه «انتهاك جسيم لحقوق الإنسان» في شكل قانون جديد لحقوق الأراضي.

لا يدوم شهر العسل للأبد
ومع ذلك، لا يدوم شهر العسل إلى الأبد، إذ تتراجع نسبة تأييد ماسك بسرعة، حتى بين الجمهوريين، وفق «الغارديان».
ولفتت إلى استطلاع حديث أجرته مجلة الإيكونوميست/يوغف، قال 43% فقط من المستجيبين الجمهوريين إنهم يريدون أن يكون لماسك «تأثير ضئيل»، فيما قال 17% إنهم لا يريدون أن يكون له «تأثير على الإطلاق».
وهذا الأسبوع، حمل المتظاهرون خارج المباني الحكومية لافتات مرسومة يدويًا تشكو: «لم ينتخب أحد إيلون ماسك».
وجعل الديمقراطيون في الكونغرس ماسك هدفهم الرئيسي، متهمينه بالاستيلاء على السلطة بشكل غير قانوني.
ونشر النائب غاريد غولدن من ولاية ماين على «إكس»: «ناخبيّ، وأغلبية هذا البلد، وضعوا ترامب في البيت الأبيض، وليس هذا الملياردير الغريب غير المنتخب».

«الرئيس ماسك»
وقد يجعل هذا من ماسك خصمًا مفيدًا لترامب، ويصرف الانتباه عن الرئيس، ولكن قد يحوله في نهاية المطاف إلى عبء سياسي، ما يدفع الناخبين إلى التساؤل عن من هو السيد ومن هو الدمية.
وأكدت الصحيفة أن الضغوط من الحلفاء ومن الجمهوريين في الكونغرس سوف تنمو قبل انتخابات التجديد النصفي في العام المقبل. وقال ريك ويلسون، أحد مؤسسي مشروع لينكولن، وهي مجموعة مؤيدة للديمقراطية أطلقت هذا الأسبوع إعلانًا هجوميًا بعنوان «الرئيس ماسك»: «سوف يصطدمان في النهاية. عندما يرى ترامب أن إيلون يسبب له ضررًا سياسيًا، فسوف يقطع الحبل في دقيقة واحدة». وأضاف ويلسون: «لن يستغرق الأمر حتى خمس دقات قلب. بمجرد أن يرى أن إيلون يسحبه إلى أسفل في استطلاعات الرأي -وأصبح إيلون غير محبوب بشكل مذهل في الأسابيع القليلة الماضية- سيواجه إيلون لحظة صعبة».

وحش فرانكشتاين
من ناحية أخرى، لا يشبه ماسك أي شخص واجهه ترامب من قبل، فثروته المقدرة بنحو 426 مليار دولار تقزم ثروة الرئيس.. إنه يمارس قوة ونفوذًا هائلين من خلال منصة إكس، قد يكون من الصعب التخلص منه أكثر من المساعدين السابقين، وفق تقدير الصحيفة.
من جانبه، قال المؤلف والمذيع المحافظ، تشارلي سايكس: «لا أعرف كيف يحل مشكلة مثل إيلون.. يمكنه طرد أو تحطيم أي شخص آخر.. يمكنه إبعاد ماركو روبيو.. ربما يدمر ترامب مستقبل نائبه جيه دي فانس السياسي من خلال منشور على موقع تروث سوشيال.. لكنه عالق مع إيلون ماسك».
وتابع: «إيلون ماسك لديه الآن قاعدة قوة خاصة به.. لديه عبادة الشخصية الخاصة به.. ستأتي لحظة حيث ستتصادم هذه الأنا لدى الاثنين، فلا يمكن أن يكون هناك غير سيد واحد للكون في الوقت نفسه ، ولكن كيف يمكن حل هذا؟ كيف يحرر ترامب نفسه من وحش فرانكشتاين الذي أدخله معه في الفراش؟».