ندوة استضافها جناح الاستدامة في إكسبو 2020

التعلم من نهج الأسلاف ضرورة لبناء مجتمعات أفضل

التعلم من نهج الأسلاف ضرورة لبناء مجتمعات أفضل

لكي يضع الإنسان حلولا ناجعة وغير تقليدية لأبرز تحديات التنوع الحيوي في عالمنا، فإنه بحاجة إلى رؤية هذا العالم من منظور مختلف واتباع نهج الأسلاف، مع استكشاف الحلول المبتكرة المبنية على العلاقة الطويلة الأمد بين الطبيعة والمجتمعات البشرية؛ فلطالما كانت المعارف والخبرات التي تناقلتها الأجيال هي المفتاح الأساسي لبقاء البشرية منذ قديم الأزل.  في هذا السياق، استضاف جناح الاستدامة في إكسبو 2020 ندوة حول ضرورة اتباع نهج الأسلاف واستكشاف الحلول المبتكرة المبنية على العلاقة الأزلية بين الطبيعة والمجتمعات البشرية، من أجل وضع رؤى جديدة لحلول غير تقليدية لأبرز تحديات البيئة والتنوع الحيوي في مجتمعاتنا. عُقدت الندوة في إطار أسبوع التنمية الحضرية والريفية، وهو أحد أسابيع الموضوعات العشرة التي ينظمها إكسبو 2020 دبي ضمن برنامج الإنسان وكوكب الأرض.
 سلطت الندوة الضوء على المزايا الكثيرة للجمع بين التقاليد والعلم وتعاون الباحثين مع السكان الأصليين؛ فعلى عكس الخبرات الشخصية المحدودة، تحقق الخبرات التراكمية الاستفادة من معرفة الأسلاف في تعاطي البشرية مع التحديات المعاصرة. ينسحب هذا على أحد أبرز تحديات عالمنا المعاصر، وهو التحدي المائي؛ فمصادر المياه محدودة، ولا نعلم إلى متى ستبقى، لذا يتعين علينا التفكير بحلول بديلة غير تقليدية.
وتقول الجدة مونا بولاكا، رئيسة المجلس الدولي لثلاث عشرة جدة من السكان الأصليين وحراس نهر أتراتو: "هناك ضرورة ملحة لاتباع الممارسات والمعتقدات التي أنقذت البشرية منذ قديم الأزل؛ فهناك مخاوف متزايدة إزاء تدمير أمنا الأرض؛ لذا، فقد حان الوقت لاتباع نهج أسلافنا والتمسك بالتعليمات الأساسية حول كيفية الحفاظ على العلاقة المقدسة مع ما أعطتنا إياه أمنا الأرض، وخاصة المياه".
أضافت: "الحل يكمن في التناغم مع الطبيعة والتعامل بإيجابية مع القضايا الملحة؛ فكل يوم يحمل فرصا جديدة؛ ويجب أن يكون إيجاد مكان يعيش فيه الأحفاد الهدف المشترك الذي يحركنا لنعمل على تأسيس بيئة صحية وسعيدة".
وأكد المتحدثون على أن نجاح جهود التنمية المستدامة وأهداف المناخ والتنوع الحيوي من عدمه، يعتمد إلى حد كبير على قيادات المجتمعات المحلية. لذا، علينا الاستثمار في النموذج الذي ينتهجونه لإيجاد حلول ترتكز على الممارسات والمعارف التقليدية التي تم اختبارها عبر الزمن؛ فالشعوب الأصلية مسؤولة عن رعاية 80 في المئة من التنوع الحيوي المتبقي في العالم، بالإضافة إلى ما يقرب من خمس إجمالي الكربون الذي تم عزله بواسطة الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية. علاوة على ذلك، تشكل أراضي السكان الأصليين 40 في المئة من المناطق المحمية على مستوى العالم.
وعرض خورخيه ريشارت، رئيس معهد مونتانا، البيرو كنموذج ناجح لجهود التعاون بين المجتمعات المحلية والبحثية وخبرة عشرة آلاف سنة من التكيف مع البيئات الشديدة الخطورة.
و بحسب  خورخيه، فإن جميع الأنهار الجليدية في بيرو كانت ستختفي بحلول عام 2050. وهذه الأنهار هي مصدر هام للمياه والحياة، ليس فقط بالنسبة للمجتمعات المحيطة، بل الدولة ككل، كونها تعتمد بنسبة 70 في المئة على تلك الأنهار كمصدر للمياه. لكن تم تدارك هذه المشكلة بفضل جهود المجتمعات المحلية، التي عملت جنبا إلى جنب مع فرق بحثية لاستعادة الأنظمة الهيدروليكية القديمة من أجل تعويض فقدان الأنهار الجليدية.
وأكد الدكتور ريتشارد ارمينجول، الرئيس التنفيذي لشركة روبيتال، أيضا على أهمية تعاون المجتمع الدولي من أجل المحافظة على المقدرات الطبيعية لكوكبنا وتأمين الغذاء الصحي والآمن لجميع الشعوب، مشددا على أن حماية البيئة الطبيعية هي مسؤولية الجميع وليست مسؤولية فرد.
أضاف: "حياة البشرية مرتبطة بالمحافظة على التنوع البيئي والكائنات الحية والنباتات، باعتبارها مصدر الغذاء المهم والرئيسي لنا جميعا. والإضرار بالبيئة ستنجم عنه آثار جسيمة، ليس فقط على المستوى المحلي أو الإقليمي للدول، وإنما أيضا على المستوى العالمي. من هنا، ندعو كافة المنظمات الحكومية وشركات القطاع الخاص إلى ضرورة الإسراع بسنّ قوانين تُجرّم الانتهاكات البيئية، لا سيما بالنسبة للنباتات الضرورية، لاستمرار حياتنا، ولنستفيد منها في كافة مناحي المجالات الغذائية والدوائية وغيرها".
واختتم حديثه قائلا إن "قوتنا وتكاتفنا هما السبيل الوحيد للمحافظة على طعامنا وتأمينه للأجيال المقبلة، حتى تتمكن تلك الأجيال من البناء والتعمير وقيادة أوطانها إلى الرفاه الاجتماعي المنشود".