بدء تشكل ملامح مواجهة عالمية من نوع جديد

حرب أوكرانيا.. أمريكا مترددة وأوروبا بلا أنياب

حرب أوكرانيا.. أمريكا مترددة وأوروبا بلا أنياب


يترقب العالم تداعيات وآثار الهجوم الروسي على أوكرانيا، وما ستفرضه هذه الخطوة من تغييرات في النظام العالمي الجديد وخارطة التحالفات، والاستراتيجيات الجديدة للدول في الدفاع عن نفسها.
وسلطت صحف عربية صادرة أمس الأحد، الضوء على أبعاد هذا الهجوم وما كشفه سواء على صعيد مستوى الموقف الأمريكي والأوروبي، وبدء تشكل ملامح حرب عالمية من نوع جديد، تقوم على أساس الاستهداف الاقتصادي بدلاً من الحروب العسكرية.

أوروبا بلا أنياب
وقال خيرالله خيرالله، الكاتب في صحيفة “العرب” إن “دخول روسيا عسكرياً في أوكرانيا يطوي صفحة في العلاقات الدوليّة في ظلّ إدارة أمريكيّة تكتفي بالتفرّج على ما يدور في العالم».
وأضاف “سيكون على العالم البحث عن نظام دولي جديد مبني على نظام سقط قبل أن تتبلور ملامحه، كان مفترضا أن يكون هذا النظام، الذي لم تتبلور ملامحه، نظام القطب الواحد بزعامة الولايات المتّحدة، لكنّ شيئا من ذلك لم يحدث».
وتابع “تبيّن قبل كلّ شيء أن أوروبا مفككة وأنّها لا تمتلك أيّ أنياب تمكّنها من مواجهة روسيا عسكريا، وذلك على الرغم من أنّ أوكرانيا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي، وفي المقابل، قرّرت الولايات المتحدة الانكفاء وإطلاق الكلام الكبير الذي لا ترجمة له على أرض الواقع في ظلّ رئيس مثل جو بايدن، يتبيّن كلّ يوم أكثر أنّه باراك أوباما آخر، لا أجوبة لدى بايدن عن التحديات التي تسبب بها فلاديمير بوتين، كما ليس لديه ما يواجه به الصين».
واستطرد الكاتب بالقول إنه “في انتظار بلورة نظام دولي جديد، هناك عالم يعيش في حال من الفوضى، لا تعرف إدارة جو بايدن ماذا تريد في حين تبدو أوروبا مفكّكة وغير موجودة أكثر من أيّ وقت، أما فلاديمير بوتين، فلا شكّ أنّه يواجه مقاومة أوكرانيّة، ليس ما يشير إلى أن هذه المقاومة كافية كي يتراجع عسكريا، على العكس من ذلك، تبدو شهيّته مفتوحة أكثر من أيّ وقت، هل يتجرّأ في المستقبل على التدخل في دولة تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي مثل بولندا؟».

حرب بلا ساسة
من جانبه، قال طارق الحميد، الكاتب في صحيفة “الشرق الأوسط” إن “الأكيد أن الولايات المتحدة وأوروبا غررتا بأوكرانيا، واستخدمتاها ورقة للعب بأنف الدب الروسي الذي لا يمزح حتى غزاها الروس».
وأضاف “نقول العالم تغير لأن الولايات المتحدة وأوروبا حريصتان على معاقبة الروس لكن من دون المساس بالنفط، ودون وقف الحرب بالقوة، والحديث هنا ليس لاتخاذ موقف، بل هو تقييم سياسي، والقصة ليست مع أو ضد، بل هي قصة تغير العالم الذي سيدخل حرباً باردة جديدة، وبدء صراع مفتوح في ظل قادة غربيين ضعاف، فنحن إزاء حرب حقيقية بلا ساسة حقيقيين».
وتابع “كل شيء بات بلا جوهر ولا عمق، وحتى السياسة، حيث إن الجميع يغرد، لكن لا أحد يتحاور، وباتت لغة خطابات الساسة الدوليين مثل محتوى تويتر، حيث التراشق والتطاول، بل والشتائم، خلاصة القول إن العالم يتغير، ومن لا يدرك ذلك فهو واهم».
وقال الكاتب: “تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا ستطول التحالفات في كل العالم، والكاسب للآن الصين، والخاسر استراتيجياً الولايات المتحدة وأوروبا، حيث إننا إزاء ساسة غربيين همهم انتخابي، لكن خسائر دولهم أكبر».

حرب من نوع جديد
ورأى الكاتب جميل الذيابي، في مقالة له بصحيفة “عكاظ”، أنه لن يكون هناك حرب بمعنى سابقتيها الحربين العالميتين الأولى والثانية، لكنها يمكن أن تكون حرباً عالمية من نوع جديد، لم يعرفه العالم من قبل.
وقال إن “الأكيد أن إقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا أنشأ حقائق جديدة على الأرض لا يمكن أن تُخطئها العين، فقد فرض نظاماً عالمياً جديداً من دون شك، يختلف كلياً عن النظام العالمي الذي فرضه الغرب على روسيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية».
وأضاف “هذه الحرب لن تتطور إلى حرب شاملة بين الغرب وروسيا، وقطعاً لن تتحول إلى حرب نووية، إذ إن جميع القوى النووية تخشى اختلال ميزان الردع النووي، لئلا تتكرر تجربة الهجوم النووي الأمريكي على هيروشيما ونجازاكي، التي وضعت حداً للحرب العالمية الثانية، هذه المرة ستكون حرباً عالمية اقتصادية بالأساس».
وتابع “حشد الغرب، ولا يزال يوالي الحشد، لإيقاع أكبر ضرر اقتصادي بروسيا، وهي حرب يمكن من ناحية نظرية أن يكون فيها منتصر وخاسر، لكنها من الناحية الإستراتيجية حرب خسائر، إذ إن أوروبا والولايات المتحدة ستتضرران من مقاطعة روسيا مالياً واقتصادياً، بالقدر نفسه الذي ستتضرر منه روسيا». وقال: “لا شك في أن تبعات ما قام به الرئيس الروسي لن تقتصر على القارة العجوز وحدها، بل ستتغير خريطة التحالفات العالمية بعد غزو أوكرانيا، وسيجد الغرب أنه بات إزاء تكتل جديد مناهض له يضم روسيا، والصين، وعلى الأرجح إيران وكوريا الشمالية وبعض الدول اللاتينية، وهو شبه قائم الآن، وهو من دون شك كابوس لجميع دول العالم».