اشتعل الفتيل عقب قتل مروع الذي راح ضحيته ثلاثة أطفال
شغب اليمين المتطرف لم يأتِ من فراغ في بريطانيا
لم يكن ثمة نقص في التعليقات في الأيام الأخيرة حول مجموعة العصابات الشريرة المتحالفة مع اليمين المتطرف، والإيديولوجيات العنصرية، التي هاجمت الفنادق التي يقيم فيها طالبو اللجوء والمساجد ورجال الشرطة.
وكتبت ديان تايلور في صحيفة «غارديان» البريطانية، أنه من بين الذين سارعوا إلى التنديد بمثيري الشغب، الوزير السابق روبرت جنريك الطامح إلى تزعم حزب المحافظين المعارض، والذي لم يشر إلى أي دور له ولحكومته في النفخ على لهيب العنصرية والانقسام، ما أدى إلى الأحداث الحالية. وانتقدته نظيرته المحافظة البارونة سعيدة وارسي عبر تغريدة على منصة إكس، طالبة منه «استغلال هذه اللحظة للتأمل في لغته وسلوكه وفي التأثير الذي يمكن يؤديا إليه في الوضع الذي تمر به البلاد».
وكما هو الحال مع اضطرابات كثيرة من هذا النوع، كان هناك حدث محفز للاضطراب الحالي لم يكن من الممكن التنبؤ به على وجه التحديد. لقد اشتعل الفتيل، عقب قتل مروع الذي راح ضحيته ثلاثة أطفال في مدرسة للرقص في ساوثبورت، والتي نُسبت زوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أحد طالبي اللجوء الذين وصلوا مؤخراً على متن قارب صغير.
ولكن ما أخفق جنريك والكثير من زملائه في الإقرار به، هو أن أعمال الشغب لم تأتِ من فراغ، إن سياسيين وقسماً من وسائل الإعلام والأخبار المفبركة، أرسوا أسساً متينة لها على مدى سنوات، ما جعل الحكومة الجديدة تتخبط في هذه الفوضى.
قبل عام 2018، لم يكن طالبو اللجوء يسافرون إلى المملكة المتحدة في قوارب صغيرة. وكانوا يستخدمون وسائل أخرى أقل ظهوراً لكن ليست أقل خطورة، على غرار التعلق بالجزء السفلي لقطارات يوروستار أو الاختباء في شاحنات لأنه كانت هناك (لا تزال) طرق قليلة آمنة للوصول إلى المملكة المتحدة هرباً من حرب أو نزاع. إن اقفال هذه الطرق السرية أمام طالبي اللجوء للوصول إلى المملكة المتحدة، لم تمنعهم من الوصول، وابتكار القوارب الصغيرة لعبور القناة. وقد فاقم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من المشكلة. وقبل بريكست كانت هناك آلية لإعادة بعض طالبي اللجوء-في حال كانوا عبروا من دول أوروبية قبل وصولهم إلى المملكة المتحدة، وفي بعض الأحيان كانت تجري إعادتهم إلى واحدة من هذه البلدان. انتهى هذا الاتفاق بعد بريكست ولم تتفاوض أية حكومة جديدة على إيجاد اتفاق بديل منه.
انخفض معدل التعامل مع طلبات اللجوء منذ 2016، وذلك يعود جزئياً إلى عدم الكفاءة من جهة، ومن جهة ثانية كما أتصور عائد إلى أن الوزراء كانوا يخشون أن تؤدي معالجة طلبات اللجوء بسرعة كبيرة، إلى اعطاء الناخبين انطباعاً بأن المملكة المتحدة تبدي مرونة في هذا الشأن. كان التراكم المتزايد والوباء، هما خلف العاصفة التي أدت إلى استخدام الفنادق- وشكلت هدية لليمين المتطرف، الذي كان يظهر دورياً أمام هذه الفنادق واستخدمها كطعم في تسجيلات له.
كان استياء الناخبين اليمينيين المتطرفين المناهضين للمهاجرين، يتغذى على روايات سامة روجت لها وزيرتا الداخلية السابقتين بريتي باتيل وسويلا برافرمان، اللتين انتقدتا محاميي الهجرة وحقوق الإنسان، الذين يؤدون عملهم كـ «محامين يساريين». وبثت برافرمان الرعب في قلوبهم، عندما قالت إنه يمكن لـ 100 مليون من طالبي اللجوء عبور القناة لغزو المملكة المتحدة.
وكانت الحكومات المتعاقبة مرعوبة من الوقوف في وجه اليمين المتطرف خوفاً من خسارة الأصوات. ولكن من أجل معالجة التصدعات العميقة والمزعزعة للاستقرار في مجتمعنا وخلق مستقبل أكثر تماسكاً، فإن قول الحقيقة بجرأة صار أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.