كيف يؤثر خروج بايدن بهذه الطريقة على إدارته؟

كيف يؤثر خروج بايدن بهذه الطريقة على إدارته؟

اعتبر أنتوني فيتشر، كاتب ومحرر في شبكة «إم إس إن بي سي»، خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي ألقاه في المكتب البيضاوي بمنزلة صرخة وطنية حاشدة. وقال إنه كان يمكن أن يكون أثرها أكبر لو أنه قرر طواعيةً التنحي في وقت أبكر. وقال فيتشر في مقاله بالصحيفة الأمريكية: كان حرياً بالرئيس الأمريكي جو بايدن أن يلقي هذا الخطاب منذ عام مضى.

 ففي خطاب استمر عشر دقائق ألقاه على شعبه من وراء مكتبه في البيت الأبيض، أكد بايدن قراره التخلي عن حملة إعادة انتخابه رئيساً للدولة. بايدن بدا مفضوحاً وتحدث بايدن الذي ما برح يعاني من آثار الإصابة بفيروس كوفيد بتردد، وبدا أن كلماته تخرج من فمه في بعض الأحيان مشوهة، فكان يعيد على مسامع الناس عبارات كاملة، غير أنه يبدل مواقع الكلمات فيها قليلاً. وحتى عندما كان يتباهى بإنجازات إدارته، اكتسى صوته بنبرة حزن. وبدا مفضوحاً. غير أن دعواته الصريحة من أجل الوحدة في خضم الهجمات المستمرة الشرسة على ديمقراطيتنا لم تكن بأي حال من الأحوال جوفاء. فقد بدا أمريكياً وطنياً محباً لبلده، إذ شهد سلفه يفشل فشلاً لا يغتفَر في الأيام الأولى للوباء، ثم يحاول قلْب نتائج انتخابات حرة ونزيهة. ورغم كل مساوئ بايدن، فهو يعي تماماً المخاطر التي تلوح في الأفق.

وأضاف الكاتب «صحيح أن بايدن سياسي محترف ترشح للرئاسة ثلاث مرات. فقد أراد دوماً هذا المنصب، ولم يود قط أن يتخلى عنه. لكنه كان جالساً في المكتب البيضاوي، محاطاً بعائلته وموظفيه، ولم يكن يبدو رجلاً هزمته انتفاضة اندلعت داخل حزبه. وإنما بدا رجلاً بحاجة أخيراً إلى قسط من الراحة». وتابع «هذه هي النتيجة المنطقية. ورغم ذلك، عندما استدعى إلى ذاكرته وعده للشعب الأمريكي بأن يتحرى الصراحة معهم دوماً… وأن يصارحهم بالحقيقة، شعرت بشيء من الخداع رغماً عني». فبعد المناظرة التي عُقِدَت في يونيو (حزيران) الماضي «وثبت أنها أنهت حياة بايدن المهنية، بدا أن الدائرة الداخلية لبايدن أخفقت في فهم أنه لا سبيل للتراجع. فلم تكن هناك وسيلة للزعم بشكل مقنع بأن بايدن لم يتخلف عن السباق خطوة واحدة – أو عدة خطوات – وسيكون من السهل رغم ذلك أن يخدم أربع سنوات أخرى».  

وزاد «لم يكن من المفترض أن يتولى بايدن منصب الرئيس لثماني سنوات. وإنما كان يفترض دوماً أن يكون بمنزلة جسر للجيل القادم. ورغم أنه لم يتعهد بأن يكون جسراً، كانت هناك تلميحات في التقارير التي صدرت عن صحيفة «نيويورك تايمز» ومجلة «بوليتيكو» أشارت إلى أن بايدن وكبار مستشاريه كانوا على الأقل منفتحين على فكرة خدمته لولاية واحدة فقط، على أن يرحل بطلاً أطاحَ بترامب من البيت الأبيض وأفسح المجال لشخص آخر كي يتولى دفة الأمور في غضون أربع سنوات».
وأوضح الكاتب أنه لو كان بايدن قد ألقى هذا الخطاب قبل عام واحد، مطالباً أعضاء حزبه بالتصويت لشخص آخر وشاكراً الشعب الأمريكي على الإيمان به، لكان قد ألحق ضرراً أقل بكثير بمصداقية إدارته، ولكان قد أرسى دعائم عملية انتخابية تنافسية.

ومضى الكاتب يقول: «إننا نمشي على جسر سيؤدي بنا إلى المستقبل الآن. لننظر إلى المشهد الجديد: رئيس سابق يبلغ من العمر 78 عاماً وعضو من أعضاء مجلس الشيوخ يبلغ من العمر 39 عاماً ويتمتع بخبرة أقل من عامين في منصبه. إن قرار ترامب باختيار عضو مجلس الشيوخ جي دي فانس هو بمنزلة تمرير لشعار فلنجعل أمريكا عظيمة مجدداً». وإذا فاز حزبهما يوم الانتخابات، فقد يغير ذلك البلد إلى الأبد تغييراً بشعاً».
واختتم الكاتب مقاله بالقول: «لا يمكننا أن نتنبأ بما سيحدث في نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل. ولكن قبل بضعة أسابيع، بدا من شبه المؤكد أن بايدن على وشك أن يُهزم هزيمةً ساحقة. وبدلاً من ذلك، فإن خروجه المبكر من السباق الانتخابي يعني أن هناك فرصة أفضل بكثير لمواصلة عمله والحفاظ على إرثه من الدمار».