رئيس الدولة: الدورة تعزز الحوار والتعارف والتنافس بين شباب العالم على أرض الإمارات
في ندوة مشتركة لـ «تريندز» والسفارة اليابانية
مسؤولون وخبراء يوصون بتدشين منصة دائمة للتعاون
• الإمارات واليابان .. ريادة عالمية في الفضاء والذكاء الاصطناعي المسؤول
• صياغة نموذج دولي يوازن بين الابتكار المتسارع والمسؤولية الأخلاقية
في حدث علمي وفكري رفيع المستوى، اختتم مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع السفارة اليابانية لدى الدولة، ندوة "خطط لتحقيق إنجازات: تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والفضاء بين اليابان والإمارات" التي شهدت حضوراً استثنائياً لمسؤولين، وأكاديميين، وقادة صناعة من البلدين، صاغوا خلالها رؤية طموحة تهدف إلى تدشين منصة دائمة للتعاون التقني، وخريطة طريق تنفيذية لدمج النماذج الابتكارية وفتح أسواق تكنولوجية جديدة.
وأوصى المشاركون وهم مسؤولون حكوميون، وخبراء، وأكاديميون، وباحثون من دولة الإمارات واليابان، بتدشين منصة دائمة للتعاون الثنائي في مجالي الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء، وصياغة خريطة طريق تنفيذية مشتركة تعزز التكامل التقني، وتدعم بناء منظومات ابتكار قادرة على تحويل البحث العلمي إلى تطبيقات عملية ذات أثر اقتصادي ومعرفي مستدام.
وأكد المشاركون أن الندوة تمثل محطة مهمة في مسار الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات واليابان، التي انتقلت من التعاون التقليدي إلى شراكة معرفية وتقنية متقدمة، تقوم على تبادل الخبرات، وتكامل السياسات، وتطوير حلول مبتكرة للتحديات العالمية في مجالي الذكاء الاصطناعي والفضاء.
عمق الشراكة
وافتُتحت الندوة بكلمة الدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أكد فيها أن تنظيم هذه الندوة يأتي في إطار رؤية المركز الرامية إلى توسيع دوائر التعاون البحثي الدولي، وربط المعرفة العلمية بصناعة القرار، واستشراف التحولات التكنولوجية الكبرى التي ستشكل ملامح المستقبل.
وأشار إلى أن توقيع مذكرة التفاهم مع معهد ميتسوبيشي للأبحاث (MRI) يمثل خطوة عملية نحو بناء شراكات بحثية طويلة الأمد، مؤكداً أن التعاون الإماراتي–الياباني يشكل نموذجاً متقدماً للتكامل بين الرؤية الاستراتيجية وسرعة التنفيذ والخبرة التقنية العميقة. من جانبه، ألقى سعادة كين أوكانيوا، السفير فوق العادة ومفوّض اليابان لدى دولة الإمارات العربية المتحدة ، كلمة رئيسية أكد فيها أن العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد تطوراً متسارعاً، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء يمثلان محورين أساسيين للتعاون المستقبلي، في ظل التحديات العالمية المتزايدة والحاجة إلى حلول تكنولوجية مسؤولة. بدوره أكد السيد هيروفومي مياكي، نائب مساعد وزير الشؤون الخارجية الياباني، أن الندوة تأتي في توقيت حيوي يتزامن مع الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين. وسلط الضوء على السجل الحافل للإمارات في الفضاء، مذكراً بمهمة "مسبار الأمل" التاريخية. كما أشار إلى "عملية أوساكا للذكاء الاصطناعي" التي تتبناها اليابان، مؤكداً أن التعاون مع مؤسسات مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI) هو المحرك الرئيسي لاقتصاد المستقبل.
نموذج للتعاون البناء
وفي كلمة رئيسية أوضح سعادة عمران شرف، مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، أن العلاقات بين الإمارات واليابان تتجاوز مجرد تبادل المصالح لتصبح نموذجاً دولياً للتعاون البناء. وحذر شرف من أن العالم يتجه نحو عصر تتزايد فيه التحديات التنافسية في مجالي الفضاء والذكاء الاصطناعي، مما يستوجب العمل كقوى موحدة للاستجابة لهذه التغيرات، داعياً إلى أن تكون هذه الشراكة قوة للتغيير الإيجابي وتحقيق الأمن والنمو المستدام.
من جانبه قدم السيد رين إيتو، المؤسس المشارك لشركة (Sakana AI)، رؤية جريئة تساءل فيها عن هوية القوى التي ستحدد مستقبل الاقتصاد الرقمي. وأكد إيتو أن المستقبل يجب ألا يقتصر على القوى العظمى التقليدية، بل يجب أن يعتمد على شركاء يطورون تكنولوجيا "تمكّنهم" بدلاً من أن تجعلهم تابعين. ودعا إلى تحدي مفهوم "الأكبر هو الأفضل" في الذكاء الاصطناعي، والتركيز على الابتكار في مرحلة "ما بعد التدريب" لبناء حلول فعالة وشفافة تخدم قطاعات الدفاع والتصنيع.
في كلمة مصورة، أكد الدكتور هيروشي ياماكاوا، مسؤول مبادرة البنية الكاملة للدماغ (WBAI)، بجامعة طوكيو عمق التعاون الفضائي الذي بدأ باتفاقية 2016. وأشار ياماكاوا إلى أن نجاح إطلاق مسبار الأمل والتجارب العلمية الإماراتية على متن محطة الفضاء الدولية هي ثمار للاحترام المتبادل والرؤى المشتركة. وأعرب عن أمله في أن تكون هذه الندوة دافعاً لتعميق التعاون مع اقتراب الذكرى العاشرة للاتفاقية الثنائية العام المقبل.
من جانبه تحدث السيد كينجي أوتسوكا، رئيس مجلس الأعمال الياباني (JBC)، ممثلاً لأكثر من 100 شركة يابانية، مؤكداً أن فهم التطورات التكنولوجية في الإمارات أمر ضروري لضمان أعمال مستدامة. وأشاد بالاستراتيجية الإماراتية المفتوحة والمستقرة، مؤكداً فخر الشركات اليابانية بالعمل في الإمارات وتطلعها لتعميق الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والفضاء.
رؤى في الذكاء الاصطناعي والفضاء
عُقدت الجلسة الأولى تحت عنوان «رؤى إماراتية حول الذكاء الاصطناعي والفضاء»، وأدارها عبدالعزيز أحمد الشحي، الباحث الرئيسي ونائب رئيس قطاع البحوث في مركز تريندز للبحوث والاستشارات.
وشارك في الجلسة كل من الدكتورة ابتسام المزروعي، المديرة التنفيذية لمكتب الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، دائرة المالية - أبوظبي، ورئيسة مبادرة الذكاء الاصطناعي من أجل التأثير الإيجابي التابعة للأمم المتحدة، والدكتورة سمية الهاجري، خبيرة سياسات وتنظيم التكنولوجيا، حكومة دولة الإمارات، والسيد عامر الصايغ، نائب المدير العام - قطاع الهندسة الفضائية، بمركز محمد بن راشد للفضاء (MBRSC)، السيد سانتوش كارورو، قيادي أول للاستثمار ورئيس الحوافز المالية في مكتب أبوظبي للاستثمار ( (ADIO .
وركزت الجلسة على السياسات الوطنية الإماراتية في الذكاء الاصطناعي، والنهج القائم على الحوكمة الأخلاقية والشفافية، إضافة إلى تطور قطاع الفضاء من مرحلة الاستكشاف إلى بناء منظومة اقتصادية متكاملة، تعتمد على توطين التكنولوجيا، وتنمية الكفاءات، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتم التأكيد على أن الشركات العالمية تبحث عن "الثقة التنظيمية"، وهو ما توفره أبوظبي كبيئة حاضنة للروبوتات والتصنيع الذكي.
جسور الآفاق في سياسات الفضاء
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان «جسور الآفاق: التعاون في سياسات الفضاء بين اليابان والإمارات العربية المتحدة»، وأدارتها شما القطبة، باحثة في مركز تريندز للبحوث والاستشارات.
وشارك في الجلسة سعادة المهندس سالم بطي القبيسي، المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء، والبروفيسور شون سوي، أستاذ سياسات الفضاء والتكنولوجيا بجامعة خليفة ، والدكتورة ماسامي أونادا، باحثة أولى في معهد ميتسوبيشي للأبحاث (MRI)، والسيد ماسانوري موتو، مدير قسم السياسات الفضائية بوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، والسيد جومبي نوزاكي، خبير شؤون الفضاء والتعاون الدولي في وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA).
وناقشت الجلسة فرص توسيع التعاون ليشمل الاقتصاد الفضائي، وإدارة حركة الأقمار الصناعية، والاستفادة من البيانات الفضائية في دعم القطاعات الحيوية، مع التأكيد على دور القطاع الخاص في تحويل الابتكار إلى قيمة اقتصادية. واهمية الثقة المتبادلة كقاعدة للمشاريع الكبرى مثل "مهمة استكشاف الكويكبات 2028"، والتوجه نحو بناء "اقتصاد قمري" مستدام يمهد الطريق لرؤية الإمارات للمريخ بحلول عام 2170.
البحث والابتكار والتقنيات التحويلية
أدار الجلسة الثالثة راشد الزعابي، باحث في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، وشارك فيها ، البروفيسور هاو لي، عميد قسم الدراسات الجامعية، ومدير مركز الميتافيرس، وأستاذ الرؤية الحاسوبية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والبروفيسور ماساهيكو إينامي، أستاذ في مركز أبحاث العلوم والتكنولوجيا المتقدمة (RCAST) بجامعة طوكيو، والدكتور ياسواكي موناي، أستاذ مشارك في علوم التيراهيرتز والتقنيات الطبية المتقدمة بجامعة طوكيو، والسيد كوكي شيجينوي، مدير، شركة كي بي إم جي (KPMG) للاستشارات المحدودة.
وتناولت الجلسة التقنيات التحويلية مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، والروبوتات، وواجهات الإنسان–الآلة، ودورها في إحداث تحولات نوعية في الرعاية الصحية، والصناعة، والطاقة ومفهوم "تكامل الإنسان والروبوت" (HAIR)، وثورة موجات التيراهرتز في الرعاية الصحية، وأهمية "الذكاء الاصطناعي السيادي" في البيئات الصناعية عالية المخاطر.
التعاون في سياسات الذكاء الاصطناعي
واختُتمت الندوة بالجلسة الرابعة بعنوان «مد جسور الآفاق: التعاون في سياسات الذكاء الاصطناعي»، وأدارتها موزة المرزوقي، الباحثة الأولى ومديرة قسم الدراسات الاقتصادية في مركز تريندز للبحوث والاستشارات. وشارك في الجلسة، عيسى المناعي الباحث المتخصص بالذكاء الاصطناعي في "تريندز"، والدكتور هيروشي ياماكاوا، رئيس وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA)، والدكتور دايسوكي أوكانوهارا، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بريفِيرد نيتووركس (Preferred Networks) ، والسيد رين إيتو، المسؤول التنفيذي في شركة سَكانا للذكاء الاصطناعي.
وأكد المتحدثون أهمية بناء أطر حوكمة دولية للذكاء الاصطناعي، وربط البحث العلمي بالتطبيقات العملية، وتعزيز الثقة في الأنظمة الذكية، كما تطرقوا الى فكرة "منظومة المناعة للذكاء الاصطناعي" لرصد وتحييد السلوكيات المارقة، وأهمية تطوير رقائق ذكاء اصطناعي موفرة للطاقة، داعين لتشكيل اتحاد ياباني-إماراتي يمثل "الركيزة الثالثة" للسلامة العالمية للذكاء الاصطناعي بعيداً عن صراعات الأقطاب التقليدية.
ختام
واختُتمت الندوة بالتأكيد على أن الشراكة الإماراتية–اليابانية في مجالي الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء تمثل نموذجاً متقدماً للتعاون الدولي القائم على التكامل، والحوكمة المسؤولة، والابتكار المستدام.
واتفق المتحدثون على أن هذا التحالف ليس مجرد تعاون تقني، بل هو صياغة لنموذج دولي يوازن بين الابتكار المتسارع والمسؤولية الأخلاقية. إن تكامل الخبرة الهندسية اليابانية مع السرعة الإماراتية في التنفيذ والمرونة التنظيمية، سيخلق منصة عالمية تقود مجالات اللوجستيات الذاتية، والرعاية الصحية، وإزالة الكربون الصناعي.