من المساعدات إلى الصفقات.. الاتحاد الأوروبي يغير استراتيجيته في أفريقيا

من المساعدات إلى الصفقات.. الاتحاد الأوروبي يغير استراتيجيته في أفريقيا


كشف تقرير حديث أن المساعدات الخارجية الأوروبية لأفريقيا، أصبحت ترتبط بشكل متزايد بالمصالح الاقتصادية والجيوسياسية المباشرة، بدلًا عن التنمية، في تحول جذري أثار قلق المنظمات من تهميش التنمية المحلية والقيم الإنسانية في القارة. وبحسب «فايننشال تايمز»، فإن مشروع «ممر لوبيتو» يعد المثال الأبرز على هذا التحوّل، حيث يعيد الاتحاد الأوروبي توجيه أدواته التنموية نحو منطق استثماري يركز على المعادن والطاقة والهجرة، في مقاربة تبتعد تدريجيًا عن الخطاب القيمي الذي طالما ميّز سياساته الخارجية. وكشفت مصادر أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء يستثمرون نحو ملياري يورو في مشروع خط السكك الحديدية بطول 1300 كيلومتر، والذي يربط أطراف «حزام النحاس» في زامبيا بميناء «لوبيتو» في أنغولا، بالشراكة مع الولايات المتحدة وبنك التنمية الإفريقي وشركات خاصة، مع توقعات بنقل مليون طن من النحاس سنويًا بحلول عام 2030، فيما يعد حجر الأساس في استراتيجية أوروبية ترى في المساعدات أداة لتعزيز النفوذ وتأمين الموارد الحيوية، ولا سيَّما النحاس المستخدم في الصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا النظيفة. ويرى المحللون أن بروكسل تعرض هذا الاستثمار كنموذج جديد للتنمية، يجمع بين النقل، والزراعة، والخدمات اللوجستية، والتدريب المهني، في محاولة لإظهار أن المقاربة تتجاوز مجرد استخراج الموارد. غير أن هذا الطرح أثار مخاوف منظمات غير حكومية وبعض العاملين في قطاع التنمية، الذين يرون في «لوبيتو» رمزًا لانزلاق المساعدات الأوروبية نحو سباق عالمي على الموارد؛ ما أثار تساؤلات بشأن حجم الفائدة الاقتصادية الحقيقية التي ستعود على المجتمعات المحلية، ومدى قدرة المشروع على خلق قيمة مضافة داخل الدول الإفريقية نفسها. ويعتقد مراقبون أن هذا التحوّل لا ينفصل عن السياق الدولي؛ فمع تقليص واشنطن مساعداتها التنموية وتشدد الحكومات الغربية في الإنفاق، بات ربط المساعدات بالأولويات الداخلية أكثر حضورًا في صنع القرار الأوروبي، وهنا يبرز مشروع «البوابة العالمية»، وهو خطة استثمارية بقيمة 300 مليار يورو لخدمة أهداف واضحة: تأمين إمدادات المعادن والطاقة، والحد من الهجرة غير النظامية، وفتح فرص جديدة للشركات الأوروبية في الخارج. ورغم أن الاتحاد الأوروبي ما يزال أكبر مزوّد للمساعدات الإنمائية عالميًا، فإن جزءًا متزايدًا من هذه الموارد يُعاد توجيهها نحو أولويات استراتيجية، سواء داخل أوروبا أم في مشاريع كبرى خارجها، لكن هذا التحول يفتح نقاشًا حساسًا حول التوازن بين الاستثمار والتنمية. 
وحذر منتقدو الاستراتيجية الأوروبية الجديدة من أن التركيز على مشاريع التعدين والطاقة والبنى التحتية الضخمة قد يأتي على حساب الاحتياجات الاجتماعية الأساسية، مثل التعليم والصحة، ويزيد من المخاطر البيئية وحقوق الإنسان المرتبطة بهذه القطاعات.