رئيس الدولة ونائباه يهنئون المحتفلين بعيد الميلاد في دولة الإمارات والعالم
هل تنسى أوروبا أوكرانيا من أجل روسيا؟
علق الكاتب السياسي في موقع “ليفي بيريغ” الأوكراني ألكسندر ديمشنكو على مقال كتبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صحيفة داي تسايت الألمانية أواخر الشهر الماضي بمناسبة الذكرى الثمانين لشن النازيين الحرب على الاتحاد السوفياتي.
يرى ديمشنكو في تحليله الذي ترجمه إلى الإنجليزية موقع وورلد كرانش أن بوتين اختار عنواناً جذاباً لمقاله في الصحيفة الألمانية: “أن نكون منفتحين بالرغم من الماضي”. لكن الدعوة الرئاسية الروسية لا تهدف بحسب ديمشنكو إلى إقناع الألمان بنسيان سنوات الحرب أو ما بعد الحرب بل إلى إقناعهم بنسيان القضية الأوكرانية والانخراط في سياسات مرة كمشروع نورد ستريم 2.
ما هي دعوته؟
في مقاله، يشير بوتين إلى ما يسميه انقلاباً في كييف سنة 2014 كاتباً أنه يرى في انفصال أوكرانيا عن روسيا مأساة. ونفى الرئيس الروسي أيضاً أن يكون هنالك احتلال للقرم بل مجرد انقسام في أوكرانيا أدى إلى انفصال شبه الجزيرة. لم يكن مقال بوتين موجهاً للجماهير الروسية والألمانية فقط، لكن بشكل أكثر تحديداً توجه للنخب السياسية الألمانية عارضاً عليها تحقيق مكاسب مادية مقابل نسيان أوكرانيا مستقبلاً. وكتب بوتين: “تؤيد روسيا استعادة شراكة شاملة مع أوروبا. لدينا العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. تلك هي الأمن والاستقرار الاستراتيجي، الصحة والتعليم، الرقمنة، الطاقة، الثقافة، العلوم، والتكنولوجيا، حل مشاكل المناخ والبيئة».
قصيدة وصفقة قرن قديمة
بحسب ديمشنكو، يمكن القول إن هذا النص هو قصيدة للنخبة الألمانية الحاكمة وخصوصاً للديموقراطيين الاجتماعيين الذين تمكنوا من إدخال بند في الائتلاف الحكومي يلزم برلين بإكمال بناء مشروع نورد ستريم 2 لنقل الغاز الروسي. ويضيف أن الرئيس الروسي يحاول التأثير على الجزء المحافظ من الناخبين الألمان والذي يدعم النخبة الحاكمة. يفهم بوتين أن المشاريع الاقتصادية الروسية في أوروبا يمكن أن تنجح فقط في حال لم يتغير المشهد السياسي الحالي في ألمانيا.
ولفت بوتين النظر إلى أن المبادرين الألمان كانوا رواداً في إطلاق التعاون مع روسيا خلال سنوات ما بعد الحرب حيث وقع الاتحاد السوفياتي وألمانيا صفقة القرن حول إمدادات الغاز الطويلة المدى إلى أوروبا فأسسوا اعتماداً متبادلاً بين الطرفين.
ليس رداً على بايدن فقط
كتب ديمشنكو أن جزءاً كبيراً من المقال خصصه بوتين للعلاقات الروسية-الأوروبية مروجاً لبناء أمن دون واشنطن ولوقف توسع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق وللمزيد من الاندماج والتعاون. لكن خطاباته عن توسع حلف شمال الأطلسي إلى الشرق ليست فقط ردة فعل على كلمات الرئيس الأمريكي جو بايدن حول احتمال دمج أوكرانيا في الحلف دون القرم أو الدونباس. إنه أيضاً طلب إلى النخبة الألمانية كي تضمن ألا تكون كييف قادرة على المضي قدماً في مسألة التقرب من أو الانضمام إلى التحالف.
ماذا يريد من أوروبا
إن لم يكن التعاون؟
يذكر بوتين أيضاً تدهور الوضع الأمني وازدياد التوتر بشكل كبير ومخاطر سباق تسلح نووي جديد. لكنه لا يقترح التعاون وفقاً لديمشنكو. فحين يتحدث الرئيس الروسي عن مفهوم أوروبا العظمى التي تمتد من لشبونة إلى فلاديفوستوك، إنما يقوم بتذكر صاحب هذا المفهوم: هو ليس الجنرال ديغول بل الفيلسوف هالفورد ماكيندر الذي تحدث عن أن روسيا هي قلب أوروبا ويجب عليها أن تؤثر وتدير عمليات القارة الجيوسياسية.
وحين يدعو الرئيس الروسي النخبة الألمانية للتعاون، يتذكر أيضاً سياسة أوستبوليتيك للمستشار الألماني السابق ويلي برانت الذي تبناها في السبعينات من أجل تطبيع العلاقات بين ألمانيا الغربية والشرقية والاتحاد السوفياتي وبولندا. هذا بالضبط ما ساعد في تشكيل فضاء موحد للطاقة حين تم بناء أنظمة لنقل الغاز والنفط من الاتحاد السوفياتي إلى الجزء الغربي من القارة الأوروبية. ويضيف ديمشنكو أن دعوة بوتين للتعاون تعني أوروبا معتمدة على روسيا.
بين الملل والنسيان
يشير الكاتب إلى أن نائب الرئيس السابق للإدارة الرئاسية الروسية فلاديسلاف سوركوف قال يوماً إن هدف روسيا هو جعل أوكرانيا مملّة للغرب. يُظهر مقال بوتين أن هدف روسيا الأساسي هو جعل أوروبا تنسى أوكرانيا. مع ذلك، ينفي ديمشنكو إمكانية قول إن الغرب نسي أوكرانيا في الوقت الحالي. على الرغم من العلاقات الاقتصادية مع روسيا، تبقى أوروبا خائفة إلى حد ما من اعتداء روسي أوسع. وهي تستفيد من الدفاع عن أوكرانيا بهدف الدفاع عن أمنها. لكن ذلك لا يعني أن روسيا ستتوقف عن محاولة إقناع الأوروبيين بإزالة الملف الأوكراني عن أجندتهم. ولهذا السبب، دعا ديمشنكو ختاماً السلطات في كييف إلى التفكير باستراتيجية مضادة للاستراتيجية الروسية.