«الغارديان»: إسكات بنادق الهند وباكستان لن يطفئ «نار كشمير»
ذكر تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية أن وقف إطلاق النار بين باكستان والهند لن يُسكت حرب الروايات والاتهامات التي امتدت لعقود، مؤكداً أنه على الرغم من أن البلدين تراجعا عن حافة الهاوية، فإن «العداء الناتج عن عقود من النزاع لا يزال قائمًا» بشأن كشمير.
وأوضحت «الغارديان»، أنه وإنْ كانت التكنولوجيا والسياسات الإقليمية قد تطورت بشكل كبير على مرّ العقود، فقد أوضحت الأيام الأخيرة أن العداء الناتج عن النزاع على كشمير -التي يُقال إنها الأجمل في جنوب آسيا- لم يتطور.
وحتى لو أن وقف إطلاق النار المتفق عليه يوم السبت قد أسكت البنادق في الوقت الحالي، فلا شك أن باكستان والهند سيتبادلان الاتهامات مجددًا.
وأضافت أنه بالنسبة لباكستان، تعني الأغلبية المسلمة في كشمير أن تقسيم المنطقة ليس مجرد ظلم تاريخي، بل هو إخلال بالغرض التأسيسي الأصلي للبلاد، كمَوطنٍ لمسلمي شبه القارة.
وفي المقابل، تعني كشمير للهند أكثر بكثير من مجرد خلفية خلابة لأفلام بوليوود؛ إذ يرى الكثير من الهنود أن خسارة المنطقة، بأهميتها التاريخية والثقافية العميقة، بمثابة بتر لجزء حيوي من أمتهم الشاسعة والمتنوعة.
ورأت الصحيفة أن الأسابيع القادمة ستشهد، إذا صمد وقف إطلاق النار، معركة جديدة؛ معركة الروايات. إذ زعمت الهند منذ البداية بأن جماعة «عسكر طيبة»، الجماعة المتطرفة التي نفّذت المذبحة قبل ثلاثة أسابيع، والتي راح ضحيتها 25 سائحًا ومرشدًا سياحيًا في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، والتي أشعلت فتيل الصراع، ليست سوى وكيلٍ لإسلام آباد.
وبينما كانت إدامة حالة الصراع في كشمير، وتقويض سيطرة دلهي هناك، وتدويل الصراع، أهدافًا استراتيجية للجيش الباكستاني ذي النفوذ الهائل لعقود، كانت الجماعات الإسلامية المسلحة، بعضها متمركز في كشمير، والبعض الآخر مُجنَّد ومتمركز في أماكن أخرى، أداةً رئيسيةً لتحقيق ذلك.
ويبدو من غير المعقول ألا يكون لدى أحدٍ في المؤسسة الأمنية الباكستانية أي فكرة مسبقة عن هجوم أبريل-نيسان، وفق الصحيفة أيضًا.
ومن جانبهم، يسعى المسؤولون الباكستانيون إلى تسليط الضوء على الأسباب الكامنة وراء العنف؛ القمع المستمر في كشمير، وإلغاء دلهي وضع الحكم الذاتي للمنطقة عام 2019، والعديد من المظالم الأخرى. وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل عشرين عامًا، أدى مزيج من النجاح العسكري الهندي والضغط الأمريكي إلى سلام هش صمد بعد جولة من المناوشات، ثم انهار بعد عقدٍ من الزمن.
وفي هذه المواجهة الجديدة أيضًا، يبدو أن نفوذ واشنطن كان عاملًا أساسيًا في خفض التصعيد؛ وهو ما لن يُرضي بالتأكيد روسيا والصين، اللتين تناوران لتعزيز نفوذهما في المنطقة. وفي حين كانت الخسائر هذه المرة قليلة، والأضرار الاقتصادية محدودة، لعلّ العامل الأخير، وليس الأول، هو العامل الأشد وطأة في قرار وقف الأعمال العدائية؛ إذ لا يمكن لأيٍّ من الدولتين تحمّل الدمار والاضطراب اللذين قد ينجمان عن الانتقال إلى مستوى جديد من الحرب. وكما هو الحال في النزاعات السابقة، بما فيها نزاع عام 1999، تراجع القادة في كلٍّ من الهند وباكستان عن حافة الهاوية، مُظهرين ما وصفه ترامب بأسلوبه الفريد يوم السبت بـ»الفطرة السليمة والذكاء العظيم».