«أزمة التجسس» بين أوكرانيا والمجر تكشف هشاشة الإجماع الأوروبي

«أزمة التجسس» بين أوكرانيا والمجر تكشف هشاشة الإجماع الأوروبي


اعتبر خبراء سياسيون فرنسيون أن الكشف عن شبكة تجسس مجرية في أوكرانيا يسلّط الضوء على تصدعات داخل الإجماع الأوروبي بشأن الأزمة الأوكرانية. وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن نائب وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيغا، عبر «تيليغرام»: «يجب على دبلوماسيَّين مجريَّين مغادرة أوكرانيا خلال 48 ساعة»، مؤكدًا أن القرار يأتي التزامًا بـ»مبدأ المعاملة بالمثل».

اتهامات متبادلة
وأوضح جهاز الأمن الأوكراني (SBU) أنه أوقف اثنين من قدامى العسكريين، مؤكّدًا أن الشبكة كانت تجمع معلومات عن الدفاعات العسكرية في غرب أوكرانيا، وعن الحالة المعنوية للسكان المحليين.
من جهتها، نفت المجر هذه الاتهامات، على لسان وزير خارجيتها بيتر سييارتو، ووصفتها بـ»الدعاية»، مؤكدة: «إذا تلقّينا معلومات أو تفاصيل رسمية فسنُعالج الأمر، أما الآن فأعتبر ما قيل دعاية وأتعامل معه بحذر»، وردّت بودابست لاحقًا بطرد دبلوماسيَّين أوكرانيَّين من سفارة كييف لديها، متهمةً إياهما بالتجسس.
 هشاشة الإجماع الأوروبي
وترى الباحثة في مركز «روسيا/ني-إي» التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)، إليز جوتييه، أن ما يحدث «ليس مجرد حادث بروتوكولي؛ بل مؤشر على هشاشة الإجماع الأوروبي حول أوكرانيا».
وتضيف أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يراهن على سياسة «الفيتو من داخل النادي»، أي استغلال عضوية المجر في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لانتزاع تنازلات (في قضايا الطاقة وصناديق الإنعاش الأوروبي) مقابل تليين موقفه من موسكو.

خطر العدوى
وتحذر جوتييه من أن سلوفاكيا، مع تغيّر حكومتها وتعاظم خطابها الشعبوي، قد تشكل حلقة وصل تشجع دولًا أخرى مترددة مثل صربيا أو النمسا على تبني نهج أقل صرامة تجاه روسيا، ما لم يُظهر الاتحاد الأوروبي صلابة مالية وطاقوية كافية لمواجهة الضغوط الروسية.
وترى أن استمرار هذه الثغرات قد يؤخّـــــــر اتخاذ قرارات حاسمة في بروكســــل، مثل حزم الذخيرة أو مسار عضويـــــــة أوكرانيـــــــا، إذ تتطلب هذه القرارات إجماعًـــــا، بينما يُلوّح أوربـــــان ورفاقـــــــه بتعطيله كلما اشـــتدّت الضغوط الداخلية.
ثبات المحور المركزي
في المقابل، يرى خبير الاستراتيجيات الأوروبية في مؤسسة البحث الاستراتيجي (FRS)، كريستوف لامبير، في حديث لـ»إرم نيوز»، أنه «رغم ضجيج فيتسو وأوربان، لا يزال محور باريس–برلين–وارسو يمسك بزمام المبادرة».
وأوضح أن زيارة فيتسو لبوتين أثارت رد فعل أوروبيًا موحدًا ونادرًا، تمثل في إدانات من قادة كإيمانويل ماكرون، وكير ستارمر، ودونالد توسك، ما يعكس أن «المركز الصلب» للدعم الغربي ما زال متماسكًا.

التلاحم الأمريكي–الأوروبي
واعتبر لامبير أن تبادل طرد الدبلوماسيين بين كييف وبودابست «إجراء متبادل ومحصور»، مشيرًا إلى أن المجر لم تعد قادرة على عرقلة التمويل العسكري الأوروبي بعد إقرار آلية تجاوز الفيتو ضمن «مرفق السلام الأوروبي». ويفسّر لامبير تصعيد فيتسو وأوربان بأنه نابع من حاجة داخلية لمخاطبة قواعد شعبوية وقومية، أكثر من كونه تحوّلًا جذريًا في سياسة الغرب، مشيرًا إلى أن الضمان الحقيقي لاستمرار الدعم الواسع لكييف يتمثل في بقاء التلاحم الأمريكي–الأوروبي، «وهو قائم طالما بقيت واشنطن منخرطة».