«إذا حلّ نفسه».. ما مصير مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومقراته؟

«إذا حلّ نفسه».. ما مصير مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومقراته؟


تُثار تساؤلات عدّة على المستويين التركي والكردي حول العلاقة المستقبلية بينهما، في ضوء عملية السلام التي يتحضّر ضمن مساعيها المؤتمر العام لحزب العمال الكردستاني، والذي عُقد مؤخرًا من خلال التواصل التقني مع مؤسسه عبد الله أوجلان، ودعوته التي أطلقها في شباط- فبراير الماضي لحل الحزب وتسليم مقاتليه السلاح.
جاء ذلك بعد أن أعلن حزب العمال الكردستاني عن اتخاذ قرارات تاريخية خلال فعاليات المؤتمر الثاني عشر، لبحث استراتيجيات الحزب وأولوياته المستقبلية، وسط انتظار نشر نتائج المؤتمر وما يتعلق بالقرارات المتخذة.
ومن أبرز التساؤلات الدائرة في هذا الصدد، مصير مقرات ومقاتلي حزب «العمال» في شمال العراق، ومدى إسهام خطوة حل الحزب -في حال الذهاب إليها- في تليين موقف تركيا في عدة ملفات، من بينها ما يخص قوات سوريا الديمقراطية «قسد».
وبحسب خبراء في الشأن الكردي والتركي، في تصريحات لـ»إرم نيوز»، فإن مقاتلي حزب العمال لن يلقوا السلاح إلا بعد التأكد من قيام مؤسسات الدولة التركية، وفي صدارتها البرلمان ورئاسة الجمهورية، بإصدار قوانين وتشريعات تخص ملفات منها إخراج السجناء الأسرى، ووقف العمليات الحربية المستمرة ضد الأكراد، والاعتراف بوجود الشعب الكردي، وهي خطوات ستؤدي إلى انتهاء أمر السلاح.
ويرى رئيس المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، أن الموقف التركي بدأ يلين نسبيًا، وذلك ارتباطًا بما يجري من ذهاب إلى عملية السلام من قبل المؤتمر الذي عقده حزب العمال الكردستاني في الفترة من 5 إلى 7 من الشهر الجاري، ما أدى إلى توقف عمليات تركية كانت تستهدف احتلال سد تشرين الاستراتيجي، حيث كانت نية أنقرة احتلال المنطقة بأكملها مع سقوط نظام الأسد.
وأضاف خليل لـ»إرم نيوز»، أنه من الطبيعي أن يكون هناك لين تركي، ليس هذا فحسب، بل هناك استعداد من أنقرة الآن للاستثمار في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، كما قال السفير التركي في دمشق مؤخرًا، لافتًا إلى أن ما هو منتظر في الفترة المقبلة سيؤثر في عموم المشهد السوري، بحيث يكون هناك تفاهم تركي تجاه الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا و»قسد»، ما سيساهم في تليين موقف حكام دمشق في ظل علاقتهم القوية مع أنقرة.
ولفت خليل إلى أن المسألة بتشابكاتها في عدة ملفات لن تُحل خلال أيام معدودة، إذ إن هذه القضية عمرها أكثر من 100 عام، منذ توقيع اتفاقية لوزان، التي ينكر الدستور التركي في أعقابها وجود الكرد بشكل عام ونهائي، وحتى الآن، فإن المادة 66 من الدستور تقول إن كل من يعيش في تركيا هو تركي.
وأوضح أنه حتى الآن، ليس واضحًا ما الخطوات القادمة، وحزب العمال سيعلن نتائج مؤتمره خلال الفترة القليلة القادمة، ومن المنتظر أن تكون العديد من الإجراءات بطيئة في ظل ميراث تسخير تركيا كدولة لكافة أدواتها ليكون هناك عداء مع الأكراد، الذين كانوا يقظين، ولم يعملوا خلال حفاظهم على الهوية الكردية على توجيه أي ضرر ضد الهوية التركية؛ لذلك فإن المشهد الجديد، مقارنة بما جرى خلال أكثر من قرن، يحتاج إلى بعض الوقت لوضوح الصورة، وضمن ذلك بالتأكيد ما يتعلق بمستقبل مقرات ومقاتلي حزب العمال الكردستاني.
فيما يقول المختص في الشؤون التركية، حسين عمر، إن هناك خطوات متتالية سيتم اتباعها من أنقرة وحزب العمال، الذي عقد مؤتمره ولم تصدر عنه حتى الآن قرارات بحل الحزب وإلقاء السلاح، وسط انتظار بيان سيحمل نتائج تاريخية عن المؤتمر الثاني عشر، الذي عُقد بحضور زعيمه أوجلان عبر الاتصال من سجنه في جزيرة ببحر مرمرة.
ويعتقد عمر، في حديثه لـ»إرم نيوز»، أن مقاتلي الحزب لن يتركوا السلاح إلا بعد حل المسألة جذريًا، في وقت لم تقم فيه أنقرة بأي إجراء يتوافق مع ما يدور حوله المؤتمر، لا سيما أن هناك تجارب سابقة لـ»العمال الكردستاني» مع الحكومة التركية، ضمن تجربة مشابهة عام 2013، بسقوط العديد من المقاتلين الأكراد، الذين قرر الحزب سحبهم من المناطق الكردية في تركيا لإفساح المجال أمام المفاوضات، في وقت لم تُلبِّ فيه حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان المطالب والإجراءات اللازمة للقيام بعملية السلام، وسط تمنيات بعدم تكرار هذا المشهد مجددًا.
ويؤكد عمر أن هذه مرحلة جديدة، وهناك شخصيات أخرى، ووساطات، ودول كبرى لها تأثير في هذا الأمر، وهو ما يفتح الطريق لرضوخ الحكومة التركية هذه المرة لبعض الإجراءات الاضطرارية، التي دونها لا يمكن لمقاتلي حزب «العمال» إلقاء سلاحهم.
واستكمل بأن تأثير ما يجري، وما هو منتظر من عملية سلام، سيكون له تأثير إيجابي على «قسد» في ظل امتلاكها قوة مهمة وعلاقات كبيرة تفوق حزب العمال، لكونها شريكًا دائمًا واستراتيجيًا لـ»التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب» بقيادة الولايات المتحدة، الذي يقاتل تنظيم داعش، ما سيجعل أنقرة مضطرة للتفاوض معه، وسط تسريبات عن قيام مسؤولين من «قسد» والجنرال مظلوم عبدي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، بزيارة أنقرة بدعوة من الأتراك عبر الوسيط الأمريكي. لذلك، فإن «قسد» لن تتعرض لأضرار، بل على العكس، سيكون لما يجري التأثير الإيجابي عليها.