بدأ تحركات لافتة.. هل يُعيد ميرتس لألمانيا دورها في قيادة أوروبا؟

بدأ تحركات لافتة.. هل يُعيد ميرتس لألمانيا دورها في قيادة أوروبا؟


في أول تحرك أوروبي بارز منذ توليه منصب المستشارية، أجرى فريدريش ميرتس سلسلة لقاءات رفيعة المستوى في بروكسل، سعياً لإعادة تأكيد التزام ألمانيا بالاتحاد الأوروبي واستعادة الدور القيادي الذي تراجع في عهد سلفه. 
وجاءت زيارته في مناسبة رمزية، حيث صادفت الذكرى الـ75 لإعلان شومان، ما أضفى بعداً سياسياً على ظهوره الأول في العواصم الأوروبية، وسط ترقب واسع من القادة الأوروبيين لنهجه الجديد.
بحسب تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، فإن ميرتس التقى كلاً من رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، بالإضافة إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته. وسبق زيارة بروكسل بجولتين دبلوماسيتين إلى باريس ووارسو، في مسعى لإبراز التزامه بالأولويات الأوروبية. وقال ميرتس: «بطريقة ما، أعود إلى المنزل، إلى بروكسل، إلى أوروبا»، مستذكراً عمله السابق كنائب في البرلمان الأوروبي بين عامي 1989 و1994، خلال مرحلة إعادة توحيد ألمانيا.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، أثارت بعض قرارات ميرتس الأولى القلق، من بينها قراره الأحادي بإعادة طالبي اللجوء عند الحدود الألمانية، ما أثار انتقادات حادة من بولندا، وشكوكاً في مدى استعداده للعمل الجماعي داخل الاتحاد. كما أن فوزه الصعب في تصويت البوندستاغ دفع بعض المراقبين للتشكيك في متانة قاعدته السياسية.
إلا أن تعيينه للدبلوماسي المخضرم مايكل كلاوس كمستشار لشؤون أوروبا، وهو الذي شغل منصب سفير ألمانيا لدى الاتحاد الأوروبي منذ 2018، اعتُبر مؤشراً على جدية نواياه.
كما يراهن ميرتس على إعادة تفعيل المحور الفرنسي-الألماني، معبّراً عن رغبته في استثمار ما تبقى من ولاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتطبيق رؤية مشتركة لأوروبا ذات سيادة واستقلالية.
ورغم تقاطعه مع خطابات ماكرون، خصوصاً حول تعزيز القدرات الدفاعية وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، لا تزال هناك فجوة بين الطموحات والواقع. كما  أبدى ميرتس تحفظه تجاه مقترح إنشاء ديون أوروبية مشتركة لتمويل الدفاع، حرصاً على عدم استثارة جناحه الحزبي المحافظ في الحزب الديمقراطي المسيحي. كما أظهر تركيزاً على الملفات الاقتصادية، داعياً إلى تصديق سريع على اتفاق ميركوسور التجاري، وشدد على ضرورة تقليص البيروقراطية داخل الاتحاد. وفي ظل ركود اقتصادي ألماني مستمر منذ عامين، يبدو أن ميرتس يعوّل على الشراكة الأوروبية لتأمين مصادر جديدة للنمو ودعم المصالح الألمانية على الساحة العالمية.
وخلص تقرير الصحيفة الفرنسية إلى أن الأشهر المقبلة ستكون كفيلة بكشف مدى التزام ميرتس الحقيقي بالعمل الأوروبي المشترك، سواء في ما يتعلق بدعم أوكرانيا، أو إعادة بناء صناعة دفاع أوروبية.