برعاية وحضور شما بنت محمد بن خالد آل نهيان

ملتقى المجتمع الافتراضي وتحولات الهوية يناقش تحديات المواطنة الرقمية الإيجابية

ملتقى المجتمع الافتراضي وتحولات الهوية يناقش تحديات المواطنة الرقمية الإيجابية


نظم مجلس شما محمد للفكر والمعرفة برعاية وحضور الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، ملتقى "المجتمع الافتراضي وتحولات الهوية" بحضور ومشاركة معالي حصة بنت عيسى بوحميد وزيرة تنمية المجتمع نائب رئيس جودة الحياة الرقمية ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي والدكتورعبد اللطيف الشامسي مدير مجمع كليات التقنية العليا، لمناقشة تحديات المواطنة الرقمية الإيجابية، و أدارت الجلسة الدكتورة فاطمة المعمري.

 وأكدت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان في كلمتها حول «الحياة الرقمية والمواطنة الافتراضية وسؤال الهوية» على عمق تغلغل التطور التكنولوجي المتسارع وشبكات التواصل الاجتماعي في الحياة اليومية للبشرية، خاصة بعد اجتياح جائحة كوفيد 19 ؛ ليأتي هذا التطور كرد فعل حضاري وعلمي على العزلة التي فرضت عليها، فأصبح لشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات التفاعلية دور كبير في الحفاظ على تدفق العملية المعرفية والحفاظ على حيوية الحراك العلمي والثقافي، مما زاد من مساحة تأثيرها على واقعنا، وانعكاساتها على مفهوم الهوية؛ لتظهر على السطح الهوية الافتراضية كواقع ملموس مهدد للهوية الجغرافية، التي تربط المجتمع الواحد، وهي واحدة من أهم ركائز الهوية الوطنية للمجتمع.

وأوضحت : تتميز المجتمعات الافتراضية بغياب تام لوحدة الجغرافيا ، ويجمعهم مشترك ثقافي ومعرفي واحد يصنع هويتهم الجديدة ، مع ظهور مفاهيم جديدة مستخدمة بينهم ، كالمجتمع الافتراضي والهوية الافتراضية وغيرها من المفاهيم التي تعكس واقعا جديدا لابد من إدراك آثاره ودوره في تحولات الهوية الثقافية والوطنية للمجتمع، و إجراء دراسات متعمقة حوله تساعد في استيعاب متغيراته، والتعامل معه بوعي يبقي على ملامح و معطيات الهوية الوطنية قوية وثابتة في نفوس الأجيال الجديدة ، دون أن يفقدوا حيوية العالم الافتراضي و دوره الكبير في توسيع المدارك و تعظيم حجم المعرفة والثقافة في المجتمع.

واختتمت الشيخة د. شما حديثها بسؤالها «هل الهوية الواقعية قابلة للذوبان داخل الهوية الافتراضية؟» مشيرة إلى مخاوف عميقة حول ذوبان الهويات الثقافية والمجتمعية داخل هوية افتراضية واحدة تفرضها الثقافة الأكثر قوة لغويا وعلميا ومعرفيا ، لتصبح الهوية الافتراضية هي الهوية البشرية الواحدة ، والهوية الجغرافية مجرد تاريخ بين جدران المتاحف.

وأشارت معالي حصة بنت عيسى بوحميد وزيرة تنمية المجتمع، نائب رئيس مجلس جودة الحياة الرقمية في حديثها حول «مجلس جودة الحياة الرقمية والرؤية المستقبلية للحياة الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة» إلى أن محور المجتمع الرقمي يمثل أحد المحاور الرئيسة في الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031، والتي تهدف إلى تعزيز جودة الحياة الرقمية من خلال بناء مجتمعات رقمية إيجابية وهادفة ، موضحة عدة حقائق تتعلق بجودة الحياة الرقمية في الإمارات ، من بينها تزايد استخدام الإنترنت والأجهزة الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بنسب تفوق التوقعات، حيث تصدرت الإمارات دول العالم في مؤشر انتشار التواصل الاجتماعي بين إجمالي السكان بنسبة 99%، وتصدرت أيضا عالميا في مؤشر نسبة الاشتراكات في خدمات الهواتف النقالة، حيث بلغت 187% نسبة إجمالي عدد السكان حسب إحصائية العام 2019 مما جعل الإمارات تتصدر دول العالم في العديد من مجالات استخدام الإنترنت، نظرا لدخول الإنترنت في كافة مناحي الحياة التعليم  والعمل والخدمات الحكومية والتواصل الاجتماعي والتسوق والترفيه وغيرها  ومن المتعارف عليه عالميا كلما زاد استخدام الإنترنت زادت ذلك نسبة التعرض للمخاطر المحتملة.

وتطرقت معاليها إلى أبرز إنجازات المجلس وأحدثها، وهي السياسة الوطنية لجودة الحياة الرقمية، التي تم إطلاقها مؤخرا لتعزيز هدف إيجاد مجتمع رقمي آمن في الدولة، وهوية إيجابية ذات تفاعل رقمي هادف، و تشتمل هذه السياسة على أربعة محاور رئيسية : يركز المحور الأول على القدرات الرقمية عبر بناء قدرات أفراد المجتمع وتمكينهم من استخدام الإنترنت بشكل واعٍ وسليم، ويتناول المحور الثاني السلوك الرقمي بواسطة تعزيز القيم والسلوكيات الرقمية الإيجابية، ويعالج المحورالثالث المحتوى الرقمي من خلال إعداد أدلة لتوجيه المجتمع نحو استخدام المحتوى الإيجابي ، والمحور الرابع هو الاتصال الرقمي ويعمل على حماية المستخدمين من المخاطر الناجمة عن التعامل مع جهات مريبة أو قرصنة.

وبدأ معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي حديثه عن «المواطنة الافتراضية وأثرها على أمن المجتمع» بتعريف المواطنة الافتراضية وهي الالتزام بمجموعة من الضوابط والقواعد والأفكار التي يجب اتباعها في الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا من أجل رقي الوطن وحمايته وصونه في هذا العالم الإلكتروني المفتوح، موضحا أهميتها وأثرها على أمن المجتمع: لا تختلف المواطنة الافتراضية عن المواطنة الحقيقية التي ينبغي فيها أن يكون المواطن مخلص لوطنه، ومما يجدر الإشارة له هنا، أنني شخصيا قررت أن أكون ممارسا للمواطنة الرقمية، متسلحا بالحقائق ، متصديا لمحاولات الهجمات التي كانت تشنها جماعة الإخوان المسلمين للتأثير على المجتمعات .

وأوضح معاليه: أصبح الفضاء الإلكتروني مفتوحا للكبير والصغير، والغني والفقير، والسياسي والخفير، ورجل الأمن والإرهابي الخطير، والطفل والمرأة، والمجرم الشرير، مما يوجب وضع القواعد والأسس والمبادئ والقيم والمعايير للمواطنة الرقمية، ولعل أبرز هذه القيم أن يدافع المواطن عن وطنه مهما كان الثمن، ويبادر بإبلاغ الجهات الأمنية عند التعرض للجرائم الإلكترونية بجميع أشكالها، وتوضيح موقفه وتوجهاته حتى لا يساء فهمه، ويغلق باب الشائعات التي قد تضر به وبمجتمعه، وأن يحمي نفسه وخصوصيته من سرقة بصمته وهويته الرقمية والإنسانية .  

وناقش الدكتور عبد اللطيف الشامسي، مدير مجمع كليات التقنية العليا "تحول أنساق التعليم ودورها في نمو الهوية الافتراضية وأثر ذلك على الهوية الوطنية" مؤكدا على أن كليات التقنية العليا تعمل اليوم لبناء شخصية وهوية إنسان الإمارات للخمسين عاما المقبلة، وأن أساس هذا البناء هو التأكيد على الهوية الوطنية بما تحمله من قيم وتقاليد وثوابت وطنية تميز شخصية ابن الإمارات، و أن البناء العلمي لهذه الهوية أياً كانت هوية افتراضية أو واقعية، فيتم بالاعتماد على الرؤى والأهداف الوطنية والوعي بالمتغيرات والتحديات.

وأضاف أن الكليات نجحت في السنوات الأخيرة في التأسيس لهوية الإنسان الإماراتي للخمسين المقبلة، حيث نجحت في تخريج "قادة فنيين في تخصصاتهم" بما يمتلكون من مهارات احترافية بشهادات عالمية معتمدة، وكذلك تخريج رواد أعمال من طلبة الكليات الذين نجحوا في تأسيس شركاتهم الخاصة ضمن المناطق الاقتصادية الإبداعية الحرة، حيث تمكنت الكليات من تخريج 21 شركة ناشئة من بين 78 مشروعا وفكرة تم تبنيها ضمن المناطق الاقتصادية الإبداعية الحرة.

وأشار الدكتور الشامسي الى دور الكليات في بناء الهوية العلمية المستقبلية للطلبة للخمسين عاما القادمة، مستعرضا أسس استراتيجية الكليات للخمسين عاما القادمة، والتي تتمثل في السعي لترسيخ نموذج التعليم المبني على المهارات والكفاءات وليس المعرفة وحدها، والتركيز على المواهب والقدرات بتصميم برامج وخدمات تعليمية فردية، وتطوير تكنولوجيا التعليم بما يحقق بيئة شيقة ومحفزة للطالب، والاستمرار في تعزيز الابتكار، ودور الكليات في تخريج الشركات ورواد الأعمال لدعم الاقتصاد الوطني، حيث تهدف هذه الاستراتيجية للوصول لمخرجات تتمتع بهوية مستقبلية تمتاز بمهارات رقمية واحترافية وريادة الأعمال، لتكون قادرة على الذهاب أبعد من التوظيف الى تأسيس شركاتهم الناشئة وخلق فرص عمل لغيرهم والمساهمة في صناعة الثروة، وأن يبقى أساس البناء لهذه الهوية المستقبلية هو البناء الاجتماعي الإنساني المعني بالقيم والثوابت الوطنية.