في الذكرى الـ77 لنكبة الشعب الفلسطيني:
هل أصبحت حماس شريكًا لنتنياهو فـي نكبـة غــزة ؟
تحلّ الذكرى السابعة والسبعون للنكبة الفلسطينية هذا العام في ظل نكبة متجددة ومأساة إنسانية مروعة تضرب قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. أكثر من سبعة عقود مرت على تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم قسرًا، لكن ذاكرة النكبة بقيت حيّة، تتجدد مع كل حرب، ومع كل موجة نزوح، ومع كل تهجير وقتل ودمار.
لكن في خضم الكارثة التي يعيشها قطاع غزة اليوم، وتحت وطأة آلة القتل الإسرائيلية التي لا تفرق بين حجر وبشر، يطرح السؤال نفسه بمرارة وجرأة: هل كانت حركة حماس شريكًا موضوعيًا – ولو دون قصد – لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في صنع هذه النكبة الجديدة؟
استراتيجية «نتنياهو – حماس»
لم يعد خافيًا أن نتنياهو، خلال سنوات حكمه الطويلة، تبنّى سياسة «إضعاف السلطة وتعزيز حماس» كوسيلة لتقسيم الفلسطينيين وإضعاف قضيتهم على الساحة الدولية. وثّقت تقارير إسرائيلية وغربية متعددة كيف أن نتنياهو وافق على إدخال الأموال القطرية إلى غزة تحت حكم حماس، وسمح بهدوء نسبي في القطاع مقابل ضمانات أمنية هشة.
الهدف كان واضحًا: إبقاء الانقسام قائمًا بين غزة والضفة، وإضعاف فكرة الدولة الفلسطينية الموحدة، ودفع العالم إلى التعامل مع الفلسطينيين ككيانات متناحرة لا كقضية تحرر وطني موحدة.
عملية السابع من أكتوبر: نقطة التحول
جاء هجوم السابع من أكتوبر ليهزّ إسرائيل ويكشف عجز منظومتها الأمنية، لكنه في الوقت نفسه أعطى نتنياهو «فرصة ذهبية» للهروب من أزماته الداخلية: محاكم الفساد، احتجاجات التعديلات القضائية، وانقسامات المجتمع الإسرائيلي.
أعادت العملية العسكرية من جديد تصوير حماس – في الرواية الغربية – كتنظيم إرهابي، وطمست أي تعاطف دولي مع القضية الفلسطينية. بل بات نتنياهو يستخدم الحرب كوسيلة لـ»تصفية» كل من يعارضه داخليًا وخارجيًا، تحت شعار «محاربة الإرهاب».
المسؤولية الأخلاقية والسياسية
صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي هو الجذر التاريخي لكل مآسي الشعب الفلسطيني، لكن لا يمكن إنكار أن الخيارات السياسية والعسكرية التي تتخذها الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، تتحمّل نصيبًا من المسؤولية في النتائج المترتبة على الشعب.
هل تم تقدير العواقب؟
هل تم التفكير بما سيؤول إليه حال
أكثر من مليوني مدني في القطاع؟
هل كانت هناك استراتيجية لما بعد السابع من أكتوبر، أم مجرد اندفاع عسكري بلا أفق سياسي؟ من المؤلم أن يكون المدنيون هم من يدفع الثمن دومًا. في غزة، المشهد كارثي: آلاف الشهداء، مدن مدمرة، مجاعات، وغياب كامل لأي أفق سياسي. وفي المقابل، لا تبدو القيادة الإسرائيلية ولا قيادة حماس مستعدة لمراجعة حساباتها.
في ذكرى النكبة، يستحق الشعب الفلسطيني أكثر من الشعارات. يحتاج إلى قيادة موحدة، استراتيجية سياسية ناضجة، وإنهاء الانقسام الذي طال أمده. وإلا فإن النكبة ستتكرر، لا كذكرى، بل كواقع دائم.
النكبة ليست حدثًا من الماضي فقط، بل حكاية مستمرة من القهر والشتات. وفي عامها السابع والسبعين، يبدو أن السؤال الأصعب لم يعد فقط: «من المسؤول عن النكبة؟» بل أيضًا: «من يمنع نهايتها؟»